الغالب دليل السفه لبُعد الدماغ عن القلب (إن أنطق) بكسر الطاء أي إن أذكر عيوبه فيبلغه (أطلق) بضم الهمزة وفتح الطاء واللام المشددة مجزوم جواب الشرط (وإن أسكت) عنها (أعلق) بوزن أطلق السابقة أي يتركني معلقة لا أيمًا فأتفرغ لغيره ولا ذات بعمل فأنتفع به. وقال في الفتح: الذي يظهر لي أنها أرادت وصف سوى حالها عنده فأشارت إلى سوء خلقه وعدم احتماله لكلامها إن شكت له حالها وأنها تعلم
أنها متى ذكرت له شيئًا من ذلك بادر إلى طلاقها وهي لا تحب تطليقه لها لمحبتها فيه ثم عبرت عن الجملة الثانية إشارة إلى أنها إن سكتت صابرة على تلك الحال كانت عنده كالمعلقة. وقال القاضي عياض: أوضحت بقولها على حد السنان المذلق مرادها بقولها قبل إن أسكت أعلق وإن أنطق أطلق أي أنها إن حادت عن السنان سقطت فهلكت وإن استمرت عليه أهلكها.
(قالت) المرأة (الرابعة) واسمها مهدد بفتح بالميم وسكون الهاء وفتح الدال المهملة الأولى بنت أبي هرومة بالراء المضمومة وبعد الواو ميم تمدح زوجها (زوجي كليل تهامة) بكسر التاء الفوقية اسم لكل ما نزل عن نجد من بلاد الحجاز وهو من التهم بفتح الفوقية والهاء وهو ركود الريح وقال: في القاموس وتهامة بالكسر مكة شرّفها الله تعالى تريد أنه ليس فيه أذى بل راحة ولذاذة عيش كليل تهامة لذيذ معتدل (لا حر) مفرط (ولا قرّ) بضم القاف ولا برد وهو لفظ رواية النسائي والاسمان رفع مع التنوين كما في الفرع. وفي رواية الهيثم بن عدي عند الدارقطني ولا وخامة بواو وخاء معجمة مفتوحتين وبعد الألف ميم يقال مرعى وخيم إذا كانت الماشية لا تنجع عليه (ولا مخافة ولا سآمة) أي لا ملالة لي ولا له من المصاحبة والكلمتان مبنيتان على الفتح في الفرع ويجوز الرفع كقراءة أبي عمرو وابن كثير: فلا رفث ولا فسوق بالرفع والتنوين فيهما على أن لا ملغاة وما بعدها رفع بالابتداء وسوّغ الابتداء بالنكرة سبق النفي عليها وبناء الثالث والرابع على أن لا للتبرئة، والمعنى لا أخاف له غائلة لكرم أخلاقه ولا يسأمني ولا يستثقل بي فيملّ صحبتي وليس بسيئ الخلق فأسأم من عِشرته فأنا لذيذة العيش عنده كلذة أهل تهامة بليلهم المعتدل. وقال ابن الأنباري: أرادت بقولها ولا مخافة أن أهل تهامة لا يخافون لتحصنهم بجبالها أو أرادت وصف زوجها بأنه حامي الذمار مانع لداره وجاره ولا مخافة عند من يأوي إليه ثم وصفته بالجود، وقال غيره: قد ضربوا المثل بليل تهامة في الطيب لأنها بلاد حارة في غالب الزمان وليس فيها رياح باردة فإذا كان الليل كان وهج الحر ساكنًا فيطيب الليل لأهلها بالنسبة لما كانوا فيه من أذى حرّ النهار.
(قالت) المرأة (الخامسة) واسمها كبشة بالموحدة الساكنة والمعجمة تمدح زوجها (زوجي إن دخل) البيت (فهد) بفتح الفاء وكسر الهاء فعل فِعْل الفهد يقال: فهد الرجل إذا أشبه الفهد في كثرة نومه تريد أنه ينام ويغفل عن معايب البيت الذي يلزمني إصلاحه، وقيل تريد وثب عليّ وثوب الفهد كأنها تريد أنه يبادر إلى جماعها من حبه لها بحيث إنه لا يصبر عنها إذا رآها. قال الكمال الدميري قالوا: أنوم من فهد وأوثب من فهد قال: ومن خلقه الغضب وذلك أنه إذا وثب على فريسة لا يتنفس حتى ينالها. وقال القاضي عياض: حمله الأكثر على الاشتقاق من خلق الفهد إما من جهة قوّة وثوبه وإما من كثرة نومه. قال: ويحتمل أن يكون من جهة كثرة كسبه لأنهم قالوا: أكسب من فهد وأصله أن الفهود الهرمة تجتمع على فهد منها فتيّ فيتصيد عليها كل يوم حتى يشبعها فكأنها قالت: إذا دخل المنزل دخل معه بالكسب لأهله كما يجيء الفهد لمن يلوذ به من الفهود الهرمة ثم لما كان في وصفها له بالفهد ما قد يحتمل الذم من جهة كثرة النوم رفعت
اللبس بوصفها له بخلق الأسد فأوضحت أن الأول سجية كرم ونزاهة شمائل ومسامحة في العشرة لا سجية جبن وخور في الطبع فقالت:(وإن خرج) من البيت (أسد) بكسر السين المهملة فعل