للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(أو بإيماء) بالرأس أو الجفن (معروف فهو كالمتكلم) بالقذف فيترتب عليه

اللعان (لأن النبي قد أجاز الإشارة في الفرائض) أي في الأمور المفروضة فإن العاجز عن غير الإشارة يصلّي بالإشارة كالمصلوب (وهو) أي العمل بالإشارة (قول بعض أهل الحجاز وأهل العلم) أي من غيرهم كأبي ثور (وقال الله تعالى: ﴿فأشارت إليه﴾) أي أشارت مريم إلى عيسى أن يجيبهم ولما أشارت إليه غضبوا وتعجبوا (﴿قالوا: كيف نكلم من كان﴾) حدث ووجد (﴿في المهد﴾) العهود (﴿صبيًّا﴾) [مريم: ٢٩] حال ﴿قال: إني عبد الله﴾ لم أسكتت بأمر الله لسانها الناطق أنطق الله لها اللسان الساكت حتى اعترف بالعبودية وهو ابن أربعين ليلة أو ابن يوم، روي أنه أشار بسبابتيه وقال: بصوت رفيع: إني عبد الله. وأخرج ابن أبي حاتم من طريق ميمون بن مهران قال لما قالوا لمريم: ﴿لقد جئت شيئًا فَريًّا﴾ [مريم: ٢٧] إلى آخره: إشارة إلى عيسى أن كلموه فقالوا تأمرنا أن نكلم مَن هو في المهد زيادة على ما جاءت به من الداهية، ووجه الاستدلال به أن مريم كانت نذرت أن لا تتكلم فكانت في حكم الأخرس فأشارت إشارة مفهمة اكتفاء بها عن معاودة سؤالها وإن كانوا أنكروا عليها ما أشارت به.

(وقال الضحاك) بن مزاحم الهلالي الخراساني، وقال في الكواكب هو الضحاك بن شراحيل، وتعقبه في الفتح بأن المشهور بالتفسير إنما هو ابن مزاحم مع وجود الأثر مصرحًا فيه بأنه ابن مزاحم فيما وصله عبد بن حميد عنه في قوله تعالى: ﴿آيتك ألاّ تكلم الناس ثلاثة أيام﴾ (﴿إلا رمزًا﴾) [آل عمران: ٤١] أي (إلاّ إشارة) وسقط لغير أبي ذر لفظ "إلا" واستثنى الرمز وهو ليس من جنس الكلام لأنه لما أدّى مؤدّى الكلام وفهم منه ما يفهم منه سمي كلامًا وهو استثناء منقطع.

(وقال بعض الناس) أي الكوفيون مناسبة لقوله وهو قول بعض أهل الحجاز: (لا حدّ ولا لعان) بالإشارة من الأخرس وغيره إذا قذف زوجته وهو مذهب أبي حنيفة -رحمه الله تعالى-، وهذا نقضه البخاري بقوله: (ثم زعم) الكوفيون أو الحنفية (أن الطلاق) إن وقع (بكتاب) من المطلق (أو إشارة) منه بيده (أو إيماء) بنحو رأسه من غير كلام (جائز) فأقام ذلك مقام العبارة (وليس بين الطلاق والقذف فرق فإن قال) أي بعض الناس: (القذف لا يكون إلا بكلام قيل له في: كذلك الطلاق لا يجوز) لا يقع ولأبي ذر: لا يكون (إلا بكلام) وأنت وافقت على وقوعه بغير كلام فيلزمك مثله في اللعان والحدّ (وإلاّ) بأن لم تعتبر الإشارة فيها كلها (بطل الطلاق والقذف وكذلك العتق) بالإشارة وحينئذ فالتفرقة بين القذف والطلاق بلا دليل تحكّم، وأجاب الحنفية بأن القذف بالإشارة ليس كالصريح بل فيه شبهة والحدود تدرأ بها ولأنه لا بد في اللعان من أن يأتي بلفظ الشهادة حتى لو قال أحلف مكان أشهد لا يجوز، وإشارته لا تكون شهادة وكذلك إذا كانت هي خرساء لأن قذفها لا يوجب الحدّ لاحتمال أنها تصدقه لو كانت تنطق ولا تقدر على إظهار هذا التصديق بإشارتها فإقامة الحدّ مع الشبهة لا تجوز انتهى. وأجاب السفاقسي: بأن المسألة مفروضة فيما إذا كانت الإشارة مفهمة إفهامًا واضحًا لا يبقى معه ريبة (وكذلك الأصم يلاعن) إذا أشير إليه وفهم.

(وقال الشعبي) عامر بن شراحيل (وقتادة) بن دعامة السدوسي فيما وصله ابن أبي شيبة (إذا قال) الأخرس لامرأته: (أنت طالق فأشار بأصابعه تبين) تطلق (منه) طلاقًا بائنًا (بإشارته) بأصابعه الثلاث البينونة الكبرى وأراد بقوله إذا قال القول باليد فأطلق القول على الإشارة أو المراد قول الناطق أنت طالق وإشارته للعدد بالطلاق كما مرّ تقريره في أول الباب الذي قبل هذا.

(وقال إبراهيم) النخعي مما وصله ابن أبي شيبة: (الأخرس إذا كتب الطلاق بيده لزمه) وقال الشافعي إذا كتب الطلاق سواء كان ناطقًا أو أخرس ونواه لزمه فلو كتب ولم ينو أو نوى فقط فلا، (وقال حماد): هو ابن أبي سليمان شيخ الإمام أبي حنيفة (الأخرس والأصم إن قال): أي إن أشار كلٌّ منهما (برأسه) فيما يسأل عنه (جاز)

<<  <  ج: ص:  >  >>