للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب وكانت لرسول الله خاصة (ويحبس لأهله) زوجته وعياله من ذلك (قوت سنتهم) تطييبًا لقلوبهم وتشريعًا لأمته ولا يعارضه حديث أنه كان لا يدّخر شيئًا لغد لأنه كان قبل السعة أو لا يدّخر

لنفسه بخصوصها وفيه جواز ادّخار القوت للأهل والعيال، وأنه ليس بحكرة ولا مناف للتوكل كيف ومصدره عن سيد المتوكلين، وإذا كان حال التوكل اعتماد القلب عليه تعالى فقط فلا يقدح فيه تسبب ككي في مرض إذا تحقق بما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن وترك الأسباب وفعل مخوف توكلًا منهي عنه فتعتبر الأسباب الشرعية ومن غلبه توحيد خاص أغناه عن بعضها لا يقتدى به فيه.

٥٣٥٨ - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ ذَكَرَ لِي ذِكْرًا مِنْ حَدِيثِهِ. فَانْطَلَقْتُ حَتَّى دَخَلْتُ عَلَى مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ مَالِكٌ: انْطَلَقْتُ حَتَّى أَدْخُلَ عَلَى عُمَرَ إِذْ أَتَاهُ حَاجِبُهُ يَرْفَا فَقَالَ: هَلْ لَكَ فِي عُثْمَانَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ وَالزُّبَيْرِ وَسَعْدٍ يَسْتَأْذِنُونَ؟ قَالَ: نَعَمْ فَأَذِنَ لَهُمْ. قَالَ: فَدَخَلُوا وَسَلَّمُوا فَجَلَسُوا. ثُمَّ لَبِثَ يَرْفَأ قَلِيلًا فَقَالَ لِعُمَرَ هَلْ لَكَ فِي عَلِيٍّ وَعَبَّاسٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَأَذِنَ لَهُمَا. فَلَمَّا دَخَلَا سَلَّمَا وَجَلَسَا. فَقَالَ عَبَّاسٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، اقْضِ بَيْنِي وَبَيْنَ هَذَا فَقَالَ الرَّهْطُ عُثْمَانُ وَأَصْحَابُهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، اقْضِ بَيْنَهُمَا وَأَرِحْ أَحَدَهُمَا مِنَ الآخَرِ. فَقَالَ عُمَرُ اتَّئِدُوا. أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِي بِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ» يُرِيدُ رَسُولُ اللَّهِ نَفْسَهُ. قَالَ الرَّهْطُ: قَدْ قَالَ ذَلِكَ. فَأَقْبَلَ عُمَرُ عَلَى عَلِيٍّ وَعَبَّاسٍ فَقَالَ: أَنْشُدُكُمَا بِاللَّهِ، هَلْ تَعْلَمَانِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ ذَلِكَ؟ قَالَا: قَدْ قَالَ ذَلِكَ قَالَ عُمَرُ: فَإِنِّي أُحَدِّثُكُمْ عَنْ هَذَا الأَمْرِ، إِنَّ اللَّهَ كَانَ خَصَّ رَسُولَهُ فِي هَذَا الْمَالِ بِشَيْءٍ لَمْ يُعْطِهِ أَحَدًا غَيْرَهُ، قَالَ اللَّهُ: ﴿مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ﴾ -إِلَى قَوْلِهِ- ﴿قَدِيرٌ﴾ [الحشر: ٦] فَكَانَتْ هَذِهِ خَالِصَةً لِرَسُولِ اللَّهِ . وَاللَّهِ مَا احْتَازَهَا دُونَكُمْ، وَلَا اسْتَأْثَرَ بِهَا عَلَيْكُمْ، لَقَدْ أَعْطَاكُمُوهَا وَبَثَّهَا فِيكُمْ حَتَّى بَقِىَ مِنْهَا هَذَا الْمَالُ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةَ سَنَتِهِمْ مِنْ هَذَا الْمَالِ ثُمَّ يَأْخُذُ مَا بَقِيَ فَيَجْعَلُهُ مَجْعَلَ مَالِ اللَّهِ، فَعَمِلَ بِذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ حَيَاتَهُ. أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ، هَلْ تَعْلَمُونَ ذَلِكَ، قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ لِعَلِيٍّ وَعَبَّاسٍ: أَنْشُدُكُمَا بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمَانِ ذَلِكَ؟ قَالَا: نَعَمْ ثُمَّ تَوَفَّى اللَّهُ نَبِيَّهُ ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَنَا وَلِيُّ رَسُولِ اللَّهِ ، فَقَبَضَهَا أَبُو بَكْرٍ يَعْمَلُ فِيهَا بِمَا عَمِلَ بِهِ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ وَأَنْتُمَا حِينَئِذٍ وَأَقْبَلَ عَلَى عَلِيٍّ وَعَبَّاسٍ تَزْعُمَانِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَذَا وَكَذَا، وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ فِيهَا صَادِقٌ بَارٌّ رَاشِدٌ تَابِعٌ لِلْحَقِّ. ثُمَّ تَوَفَّى اللَّهُ أَبَا بَكْرٍ، فَقُلْتُ أَنَا وَلِيُّ رَسُولِ اللَّهِ وَأَبِي بَكْرٍ، فَقَبَضْتُهَا سَنَتَيْنِ أَعْمَلُ فِيهَا بِمَا عَمِلَ رَسُولُ اللَّهِ وَأَبُو بَكْرٍ ثُمَّ جِئْتُمَانِي وَكَلِمَتُكُمَا وَاحِدَةٌ وَأَمْرُكُمَا جَمِيعٌ، جِئْتَنِي تَسْأَلُنِي نَصِيبَكَ مِنِ ابْنِ أَخِيكَ، وَأَتَى هَذَا يَسْأَلُنِي نَصِيبَ امْرَأَتِهِ مِنْ أَبِيهَا، فَقُلْتُ: إِنْ شِئْتُمَا دَفَعْتُهُ إِلَيْكُمَا، عَلَى أَنَّ عَلَيْكُمَا عَهْدَ اللَّهِ وَمِيثَاقَهُ لَتَعْمَلَانِ فِيهَا بِمَا عَمِلَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ وَبِمَا عَمِلَ بِهِ فِيهَا أَبُو بَكْرٍ وَبِمَا عَمِلْتُ بِهِ فِيهَا مُنْذُ وُلِّيتُهَا، وَإِلاَّ فَلَا تُكَلِّمَانِي فِيهَا. فَقُلْتُمَا ادْفَعْهَا إِلَيْنَا بِذَلِكَ. فَدَفَعْتُهَا

إِلَيْكُمَا بِذَلِكَ أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ دَفَعْتُهَا إِلَيْهِمَا بِذَلِكَ؟ فَقَالَ الرَّهْطُ: نَعَمْ. قَالَ: فَأَقْبَلَ عَلَى عَلِيٍّ وَعَبَّاسٍ فَقَالَ: أَنْشُدُكُمَا بِاللَّهِ هَلْ دَفَعْتُهَا إِلَيْكُمَا بِذَلِكَ؟ قَالَا: نَعَمْ. قَالَ: أَفَتَلْتَمِسَانِ مِنِّي قَضَاءً غَيْرَ ذَلِكَ؟ فَوَالَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لَا أَقْضِي فِيهَا قَضَاءً غَيْرَ ذَلِكَ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ، فَإِنْ عَجَزْتُمَا عَنْهَا فَادْفَعَاهَا فَأَنَا أَكْفِيكُمَاهَا.

وبه قال: (حدّثنا سعيد بن عفير) هو سعيد بن كثير بن عفير بضم العين المهملة وفتح الفاء مصغرًا الأنصاري مولاهم البصري (قال: حدّثني) بالإفراد (الليث) بن سعد الإمام (قال: حدّثني) بالإفراد أيضًا (عقيل) بضم العين مصغرًا ابن خالد الأيلي (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري أنه (قال: أخبرني) بالإفراد (مالك بن أوس بن الحدثان) بفتح الحاء والدال المهملتين والمثلثة قال الزهري: (وكان محمد بن جبير بن مطعم ذكر لي ذكرًا) أي بعضًا (من حديثه فانطلقت حتى دخلت على مالك بن أوس فسألته) عن ذلك (فقال) لي (مالك) المذكور (انطلقت) فيه حذف ذكره في فرض الخمس ولفظه: فقال مالك: بينا أنا جالس في أهلي حين متع النهار أي اشتد حرّه إذا رسول عمر بن الخطاب يأتيني فقال: أجب أمير المؤمنين فانطلقت معه (حتى أدخل عمر) فبينا أنا جالس عنده (إذ أتاه حاجبه يرفأ) بفتح التحتية وسكون الراء وفتح الفاء مهموزًا وغير مهموز (فقال) له (هل لك) رغبة (في عثمان) بن عفان (وعبد الرحمن) بن عوف (والزبير) بن العوام (وسعد) أي ابن أبي وقاص حال كونهم (يستأذنون) في الدخول عليك (قال) عمر (نعم فأذن لهم قال: فدخلوا وسلموا فجلسوا ثم لبث) مكث (يرفأ قليلًا فقال لعمر: هل لك) رغبة (في عليّ وعباس) (قال) عمر: (نعم فأذن لهما فلما دخلا سلّما وجلسا. فقال عباس) لعمر: (يا أمير المؤمنين اقضِ بيني وبين هذا) يريد عليًّا. زاد في الخمس وهما يختصمان فيما أفاء الله على رسوله من بني النضير (فقال الرهط عثمان وأصحابه) الذين معه: (يا أمير المؤمنين اقض بينهما وأرح أحدهما من الآخر فقال عمر: اتئدوا) بتشديد الفوقية وكسر الهمزة أي تأنّوا ولا تعجلوا (أنشدكم) بفتح الهمزة وضم الشين أسألكم (بالله الذي به) ولأبي ذر عن الكشميهني بإذنه (تقوم السماء) فوق رؤوسكم بلا عمد (والأرض) على الماء تحت أقدامكم (هل تعلمون أن رسول الله قال):

(لا نورث) معاشر الأنبياء (ما تركنا صدقة) ما موصول مبتدأ وتركنا صلته والعائد محذوف صدقة رفع خبره (يريد رسول الله نفسه) وغيره من الأنبياء فليس خاصًّا به كما قال في الرواية الأخرى: "نحن معاشر الأنبياء" (قال الرهط): عثمان وأصحابه (قد قال) (ذلك. فأقبل عمر على عليّ وعباس فقال: أنشدكما بالله هل تعلمان أن رسول الله قال ذلك؟ قالا: قد قال ذلك. قال عمر: فإني أحدّثكم عن هذا الأمر: إن الله) ﷿ (كان خصّ) ولأبي ذر قد خص (رسوله في هذا المال بشيء) وفي الخمس في هذا الفيء بدل المال (لم يعطه أحدًا غيره) لأن الفيء كله أو جفه على اختلاف فيه كان له (قال الله) تعالى: (﴿ما أفاء الله

على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب﴾ -إلى- قوله: ﴿قدير﴾) [الحشر: ٦].

وسقط لغير أبي ذر: فما أوجفتم عليه من خيل (فكانت هذه) الأخماس الأربعة من بني النضير وخيبر وفدك (خالصة لرسول الله )، لا حق لأحد فيها غيره (والله ما احتازها) بحاء مهملة ساكنة وزاي مفتوحة ما جمعها، ولأبي ذر عن الكشميهني: ما اختارها بالخاء المعجمة والراء المهملة

<<  <  ج: ص:  >  >>