السختياني (عن محمد) هو ابن سيرين (عن أنس) ﵁ (عن النبي ﷺ) أنه (قال):
(من ذبح) أضحيته (قبل الصلاة فليعد) أي الذبح (فقال رجل) هو أبو بردة يا رسول الله (هذا يوم يشتهى فيه اللحم) لا جرت العادة فيه من كثرة الذبح فتتشوف النفس له وتلتذ بأكله (وذكر هنة) بفتح الهاء والنون المخففة حاجة (من جيرانه) لجيرانه إلى اللحم وفقرهم وثبت قوله هنة لابن عساكر وأبي ذر عن الكشميهني (فكأن النبي ﷺ) بتشديد النون (عذره) بتخفيف الذال المعجمة أي قبل عذره لكنه لم يجعل ذلك كافيًا في مشروعية الأضحية ولذا أمره بالإعادة (وعندي جذعة) من المعز عطف على قول أبي بردة الذي ذكر الراوي عنه أنه ذكر هنة من جيرانه والتقدير هذا يوم يشتهى فيه اللحم ولجيراني حاجة فذبحت قبل الصلاة وعندي جذعة (خير من شاتين) لطيبها سمنًا ونفاسة.
فإن قلت: كيف تكون واحدة خيرًا من أضحيتين بل العكس أولى كما في صورة الإعتاق فإن إعتاق الرقبتين خير من إعتاق واحدة ولو كانت أنفس منهما؟ أجيب: بأن المقصود من الضحايا طيب اللحم وكثرته فشاة سمينة أفضل من هزيلتين، وأما العتق فالمقصود منه التقرب إلى الله تعالى بفك الرقبة فيكون عتق الاثنتين أفضل من عتق الواحدة. نعم إن عرض للواحد وصف يقتضي رفعته على غيره كالعلم وأنواع الفضل المتعدي فذهب بعض المحققين إلى أنه أفضل لعموم نفعه للمسلمين.
(فرخص له النبي ﷺ) في الأضحية بجذعة وسقط قوله النبي إلخ لأبي ذر، وقال أنس: (فلا أدري بلغت الرخصة) أي من سواه من الناس ولأبي ذر أبلغت الرخصة (أم لا، ثم انكفأ) بالهمز أي رجع ﷺ (إلى كبشين يعني فذبحهما) بيده الكريمة (ثم انكفأ) رجع (الناس إلى غنيمة) بضم الغين المعجمة وفتح النون (فذبحوهما).
وهذا الحديث سبق في باب ما يشتهى من اللحم.
٥٥٦٢ - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا الأَسْوَدُ بْنُ قَيْسٍ سَمِعْتُ جُنْدَبَ بْنَ سُفْيَانَ الْبَجَلِيَّ قَالَ: شَهِدْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَوْمَ النَّحْرِ فَقَالَ: «مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ فَلْيُعِدْ مَكَانَهَا أُخْرَى، وَمَنْ لَمْ يَذْبَحْ فَلْيَذْبَحْ».
وبه قال: (حدّثنا آدم) بن أبي إياس قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج قال: (حدّثنا الأسود بن قيس) العبدي قال: (سمعت جندب بن سفيان) بضم الجيم وسكون النون وفتح الدال وضمها ابن عبد الله بن سفيان (البجلي) بفتح الموحدة والجيم (قال: شهدت النبي ﷺ يوم النحر) يخطب (فقال) ولأبي ذر قال:
(من ذبح قبل أن يصلي) من شرطية موضعها رفع بالابتداء (فليعد مكانها أخرى) الفاء جواب الشرط واللام لام الأمر وأخرى صفة لمحذوف تقديره شاة أخرى وأخرى تأنيث آخر (ومن لم يذبح) قبل الصلاة (فليذبح) قائلًا بسم الله للتبرك أو للوجوب ولم لنفي الزمان الماضي المنقطع من زمان الحال والجواب جاء مستقبلًا على قاعدته ويذبح مجزوم بلم لا بمن لأن لم لا تدخل إلا على الفعل المستقبل ومن تدخل على الماضي، وذهب بعضهم إلى أن التنازع يقع في سائر العوامل والصحيح الأول، وقد استدلّ بهذا الأمر في قوله: (فليعد مكانها أخرى) من قال بوجوب الأضحية وهو معارض بالأدلة الدالة على عدم الوجوب فيحمل الأمر على الندب.
٥٥٦٣ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ فِرَاسٍ عَنْ عَامِرٍ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ: «مَنْ صَلَّى صَلَاتَنَا وَاسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا فَلَا يَذْبَحْ حَتَّى يَنْصَرِفَ». فَقَامَ أَبُو بُرْدَةَ بْنُ نِيَارٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَعَلْتُ فَقَالَ: «هُوَ شَيْءٌ عَجَّلْتَهُ». قَالَ: فَإِنَّ عِنْدِي جَذَعَةً هِيَ خَيْرٌ مِنْ مُسِنَّتَيْنِ آذْبَحُهَا. قَالَ: «نَعَمْ ثُمَّ لَا تَجْزِي عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ». قَالَ عَامِرٌ: هِيَ خَيْرُ نَسِيكَتِهِ.
وبه قال: (حدّثنا موسى بن إسماعيل) المنقري قال: (حدّثنا أبو عوانة) الوضاح (عن فراس) بكسر الفاء وتخفيف الراء وبعد الألف سين مهملة ابن يحيى (عن عامر) الشعبي (عن البراء) بن عازب ﵁ أنه (قال: صلى رسول الله ﷺ ذات يوم فقال):
(من صلى صلاتنا) أي مثل صلاتنا فهو على حذف مضاف نعت لمصدر محذوف (واستقبل قبلتنا فلا يذبح) أضحيته (حتى ينصرف) بتحتية فنون ولأبي ذر ننصرف بنونين يعني ﵊ من صلاة العيد (فقام أبو بردة بن نيار فقال: يا رسول الله فعلت) الذبح قبل الصلاة (فقال) ﷺ (هو) أي الذي ذبحته وللكشميهني هذا (شيء عجلته) لأهلك ليس من النسك (قال) أبو بردة يا رسول الله (فإن عندي جذعة) من المعز (هي خير من مسنتين) تثنية مسنة. قال الداودي: التي