للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تأويلين أحدهما حمل الخليط عل المخلوط وهو أن يكون نبيذ تمر وحده مثلًا قد اشتدّ ونبيذ زبيب وحده مثلًا قد اشتد فيخلطان ليصيرا خلاًّ فيكون النهي من أجل تعمد التخليل، وهذا مطابق للترجمة من غير كلفة ثانيهما أن تكون علة النهي عن الخلط الإسراف فيكون كالنهي عن الجمع بين الأدمين.

وأما قوله: (وأن لا يجعل إدامين في إدام) بكسر الهمزة فيهما فيوافق حديث جابر نهى النبي عن الزبيب والتمر والبسر والرطب، وقول أبي قتادة نهى أن يجمع إلى آخره فيكون النهي معللًا بعلل مستقلة إما تحقق إسكار الخمر الكثير، وإما توقع الإسكار بالاختلاط سريعًا، وإما الإسراف والتعليل بالإسراف مبين في حديث النهي عن قران التمر هذا والتمر كان من نوع واحد فكيف بالتعدد، وقد تحرّج عمر من الجمع بين إدامين فروي أنه كان كثيرًا ما يسأل حذيفة، هل عدّه رسول الله في المنافقين؟ فيقول: لا فيقول: هل رأيت فيّ شيئًا من خلاف النفاق؟ فيقول: لا إلا واحدة قال: وما هي؟ قال: رأيتك جمعت بين إدامين على مائدة ملح وزيت وكنا نعدّ هذا نفاقًا فقال عمر: لله عليّ أن لا أجمع بينهما فكان لا يأكل إلا بزيت خاصة أو بملح خاصة وهذا إنما هو طلب للمعالي من الزهد والتقلل وإلاّ فلا خلاف أن الجمع بينهما مباح بشرطه.

٥٦٠٠ - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا هِشَامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: إِنِّي لأَسْقِي أَبَا طَلْحَةَ وَأَبَا دُجَانَةَ وَسُهَيْلَ ابْنَ الْبَيْضَاءِ خَلِيطَ بُسْرٍ وَتَمْرٍ إِذْ حُرِّمَتِ الْخَمْرُ، فَقَذَفْتُهَا وَأَنَا سَاقِيهِمْ وَأَصْغَرُهُمْ، وَإِنَّا نَعُدُّهَا يَوْمَئِذٍ الْخَمْرَ. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ سَمِعَ أَنَسًا.

وبه قال: (حدّثنا مسلم) هو ابن إبراهيم الأزدي قال: (حدّثنا هشام) الدستوائي قال: (حدّثنا قتادة) بن دعامة (عن أنس) أنه (قال: إني لأسقي) بفتح الهمزة وكسر القاف (أبا طلحة) زوج أم أنس (وأبا دجانة) بضم الدال وتخفيف الجيم سماكًا الأنصاري الساعدي (وسهيل ابن البيضاء) بضم السين مصغرًا (خليط بسر وتمر) أي خمرًا متخذًا من خليطهما (إذ حرمت الخمر) حرمها الله تعالى بما أنزل على رسوله (فقذفتها) بالذال المعجمة

(وأنا ساقيهم وأصغرهم وإنًّا) بكسر الهمزة وتشديد النون (نعدها يومئذٍ الخمر).

وهذا الحديث سبق قريبًا.

(وقال عمرو بن الحارث) بفتح العين المهملة (حدّثنا قتادة) بن دعامة أنه (سمع أنسًا) وهذا وصله مسلم والبيهقي وفائدته بيان سماع قتادة لأن الرواية المتقدمة بالعنعنة.

٥٦٠١ - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا يَقُولُ: نَهَى النَّبِيُّ عَنِ الزَّبِيبِ، وَالتَّمْرِ، وَالْبُسْرِ، وَالرُّطَبِ.

وبه قال: (حدّثنا أبو عاصم) الضحاك بن مخلد النبيل (عن ابن جريج) عبد الملك بن عبد العزيز أنه قال: (أخبرني) بالإفراد (عطاء) هو ابن أبي رباح (أنه سمع جابرًا) الأنصاري (يقول: نهى النبي ) نهي تنزيه وعن بعض المالكية نهي تحريم (عن) الجمع بين (الزبيب والتمر و) عن الجمع بين (البسر والرطب) تنبيذًا لأن الإسكار يسرع إليه بسبب الخلط قبل أن يشتدّ فيظن الشارب أنه لم يبلغ حد الإسكار ويكون قد بلغه.

وهذا الحديث أخرجه مسلم في الأشربة والنسائي فيه وفي الوليمة.

٥٦٠٢ - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: نَهَى النَّبِيُّ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَ التَّمْرِ وَالزَّهْوِ، وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ، وَلْيُنْبَذْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَةٍ.

وبه قال: (حدّثنا مسلم) هو ابن إبراهيم قال: (حدّثنا هشام) الدستوائي قال: (أخبرنا يحيى بن أبي كثير) بالمثلثة (عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه) أبي قتادة الحارث بن ربعي الأنصاري أنه (قال: نهى النبي أن يجمع بين التمر) بالفوقية وسكون الميم (والزهو) وهو البسر الملون (و) بين (التمر والزبيب) لأن أحدهما يشتد به الآخر فيسرع الإسكار (ولينبذ) بسكون اللام وفتح الموحدة مبنيًّا للمفعول (كل واحد منهما) أي من كل اثنين منهما فيكون الجمع بين الأكثر بطريق الأولى (على حدة) بكسر الحاء وفتح الدال المخففة المهملتين بعدها هاء أي وحده، ولأبي ذر عن الكشميهني: على حدته. وفي حديث أبي سعيد عند مسلم: من شرب منكم النبيذ فليشربه زبيبًا فردًا أو تمرًا فردًا أو بسرًا فردًا. وهل إذا خلط نبيذ البسر الذي لم يشتد مع نبيذ التمر الذي لم يشتد يمتنع أو يختص النهي عن الخلط عند الانتباذ؟ فقال الجمهور: لا فرق ولو لم يسكر، وقال الكوفيون: بالحل ولا خلاف أن العسل باللبن ليس بخليطين لأن اللبن لا ينبذ واختلف في الخليطين للتخليل.

وهذا الحديث

<<  <  ج: ص:  >  >>