للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بعد سكون سابقها (ويقولان) لها (إن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نهى عما قد علمت) بكسر اللام وسكون الميم (من الهجرة فإنه) وفي نسخة وإنه بالواو بدل الفاء (لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه) المسلم (فوق ثلاث ليال) بأيامها والاعتبار بمضي الثلاث ملفقة فإذا ابتدأت مثلاً من الظهر يوم السبت كان آخرها الظهر يوم الثلاثاء أو يلغى الكسر ويكون أوّلها من ابتداء اليوم أو الليلة لكن الأول أحوط. وقال النووي، قال العلماء: تحرم الهجرة بين المسلمين أكثر من ثلاث ليال بالنص ويباح في الثلاث بالمفهوم وإنما عفي عنه في ذلك لأن الآدمي مجبول على الغضب فسومح بذلك القدر ليرجع ويزول ذلك العارض عنه.

(فلما أكثروا على عائشة من التذكرة) أي من التذكير بما جاء في فضل صلة الرحم والعفو وكظم الغيظ (والتحريج) بحاء مهملة آخره جيم أي الوقوع في الحرج لما ورد في القطيعة من النهي (طلّقت تذكرهما) بضم الفوقية وفتح المعجمة وكسر الكاف مشددة (وتبكي) ولأبي ذر: تذكرهما نذرها وتبكي (وتقول) لهما: (إني نذرت) أن لا أكلمه (والنذر شديد فلم يزالا بها حتى كلمت ابن الزبير وأعتقت في نذرها ذلك أربعين رقبة وكانت تذكر نذرها بعد ذلك فتبكي حتى تبل دموعها خمارها) الذي يستر رأسها وهو بكسر الخاء المعجمة وتخفيف الميم، واختلف في النذر إذا خرج مخرج اليمين مثل إن قال: إن كلمت فلانًا فلله عليّ عتق رقبة، فهذا نذر خرج مخرج اليمين لأنه قصد به منع نفسه عن الفعل، فإذا فعل ذلك وجبت عليه كفارة اليمين كما ذهب إليه الشافعي وأكثر السلف ويسمى نذر اللجاج، وقال المالكية: إنما ينعقد النذر إذا كان في طاعة كلله عليّ أن أعتق أو أصلي فإن كان في حرام أو مكروه أو مباح فلا، وحينيذٍ فنذر ترك الكلام الصادر من عائشة في حق ابن الزبير -رضي الله عنهما- يفضي إلى التهاجر وهو حرام أو مكروه.

وأجيب: بأن عائشة رأت أن ابن الزبير ارتكب بقوله لأحجرن عليها أمرًا عظيمًا لما فيه من تنقيصها ونسبته لها إلى التبذير الموجب لمنعها من التصرف مع ما انضاف إلى ذلك من كونها أم المؤمنين وخالته أخت أمه فكأنها رأت الذي صدر منه نوع عقوق فهو في معنى نهيه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المسلمين عن كلام كعب بن مالك وصاحبيه لتخلفهم عن غزوة تبوك بغير عذر عقوبة لهم.

٦٠٧٦ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «لَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا، وَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ».

وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي الكلاعي الدمشقي الأصل قال: (أخبرنا مالك) الإمام الأعظم (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري (عن أنس بن مالك) - رضي الله عنه- سقط لأبي ذر ابن مالك (أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال):

(لا تباغضوا) بأن تتعاطوا أسباب التباغض أو لا تفعلوا الأهواء المضلة المقتضية للتباغض (ولا تحاسدوا) بأن يتمنى أحدكم زوال النعمة عن أخيه (ولا تدابروا) بإسقاط إحدى التاءين في الثلاثة والتدابر التهاجر (وكونوا) يا (عباد الله إخوانًا) باكتساب ما تصيرون به إخوانًا (ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه) المسلم (فوق ثلاث ليال) بأيامها.

والحديث سبق قريبًا في باب التحاسد.

٦٠٧٧ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِىِّ، عَنْ أَبِى أَيُّوبَ الأَنْصَارِىِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ، يَلْتَقِيَانِ فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا وَخَيْرُهُمَا الَّذِى يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ». [الحديث ٦٠٧٧ - طرفه في: ٦٢٣٧]

وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: (أخبرنا مالك) الإمام (عن ابن شهاب) الزهري (عن عطاء بن يزيد الليثي) المديني نزيل الشام (عن أبي أيوب) خالد بن زيد (الأنصاري) -رضي الله عنه- (أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال):

(لا يحل لرجل أن يهجر أخاه) في الإسلام (فوق ثلاث ليال) بأيامها وظاهره كما مرّ إباحة ذلك في الثلاث لأن الغالب أن ما جبل عليه الإنسان من الغضب وسوء الخلق يزول من المؤمن أو يقل بعد الثلاث والتعبير بأخيه فيه إشعار بالعلية (يلتقيان) ولأبي ذر عن الكشميهني: فيلتقيان بزيادة فاء في أوّله (فيعرض هذا) عن أخيه المسلم (ويعرض هذا) الآخر كذلك ويعرض بضم التحتية فيهما والجملة استئنافية بيان لكيفية الهجران ويجوز أن يكون حالاً من فاعل يهجر ومفعوله معًا (وخيرهما

<<  <  ج: ص:  >  >>