أو الحرب أو الأرض (مثله) أي مثل عامر.
والحديث سبق في غزوة خيبر.
٦١٤٩ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِى قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ﵁ قَالَ: أَتَى النَّبِىُّ ﷺ عَلَى بَعْضِ نِسَائِهِ وَمَعَهُنَّ أُمُّ سُلَيْمٍ فَقَالَ: «وَيْحَكَ يَا أَنْجَشَةُ رُوَيْدَكَ
سَوْقًا بِالْقَوَارِيرِ» قَالَ أَبُو قِلَابَةَ: فَتَكَلَّمَ النَّبِىُّ ﷺ بِكَلِمَةٍ لَوْ تَكَلَّمَ بَعْضُكُمْ لَعِبْتُمُوهَا عَلَيْهِ قَوْلُهُ سَوْقَكَ بِالْقَوَارِيرِ.
[الحديث ٦١٤٩ - أطرافه في: ٦١٦١، ٦٢٠٢، ٦٢٠٩، ٦٢١٠، ٦٢١١].
وبه قال: (حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد قال: (حدّثنا إسماعيل) ابن علية قال: (حدّثنا أيوب) السختياني (عن أبي قلابة) بكسر القاف عبد الله بن زيد الجرمي (عن أنس بن مالك ﵁) أنه (قال: أتى النبي ﷺ على بعض نسائه ومعهن أم سليم) أم أنس، وفي رواية حماد بن زيد في باب المعاريض أنه كان في سفر ومن طريق شعبة عند الإسماعيلي والنسائي وكان معهم سائق وحاد، وفي رواية وهيب وأنجشة غلام النبي ﷺ يسوق بهن (فقال):
(ويحك يا أنجشة) بفتح الهمزة والجيم بينهما نون ساكنة وبعد الجيم شين معجمة فهاء تأنيث وكان حبشيًّا يكنى أبا مارية (رويدك سوقًا) ولأبي ذر عن الحموي سوقك (بالقوارير) وسقط من الفرع التنكزي لفظ سوقك وسوقًا وعلى إثباته الشراح وهو الذي في اليونينية ورويدك مصدر والكاف في موضع خفض أو اسم فعل والكاف حرف خطاب وسوقك بالنصب على الوجهين، والمراد حدوك إطلاقًا لاسم المسبب على السبب، وقال ابن مالك: رويدك اسم فعل بمعنى أرود أى أمهل والكاف المتصلة به حرف خطاب وفتحة داله بنائية، ولك أن تجعل رويدك مصدرًا مضافًا إلى الكاف ناصبًا سوقك وفتحة داله على هذا إعرابية، واختار أبو البقاء الوجه الأول، والقوارير جمع قارورة سميت بذلك لاستقرار الشراب فيها، وكنى عن النساء بالقوارير من الزجاج لضعف بنيتهن ورفتهن ولطافتهن، وقيل شبههن بالقوارير لسرعة انقلابهن عن الرضا وقلة دوامهن على الوفاء كالقوارير يسرع الكسر إليها ولا تقبل الجبر أي لا تحسن صوتك، فربما يقع في قلوبهن فكفه عن ذلك، وقيل أراد أن الإبل إذا سمعت الحداء أسرعت في المشي واشتدت فأزعجت الراكب ولم يؤمن على النساء السقوط، إذا مشت رويدًا أمن على النساء، وهذا من الاستعارة البديعة لأن القوارير أسرع شيء تكسرًا فأفادت الكناية من الحض على الرفق بالنساء في السير ما لم تفده الحقيقة لو قال: ارفق بالنساء. وقال في شرح المشكاة: هي استعارة لأن المشبه به غير مذكور والقرينة حالية لا مقالية ولفظ الكسر ترشيح لها.
(قال أبو قلابة): عبد الله الجرمي بالسند السابق (فتكلم النبي ﷺ بكلمة لو تكلم بها بعضكم لعبتموها عليه) ثبت لفظ بها لأبي ذر (قوله سوقك بالقوارير).
قال في الكواكب فإن قلت: هذه استعارة لطيفة بليغة فلم تعاب؟ وأجاب: بأنه لعله نظر إلى أن شرط الاستعارة أن يكون وجه الشبه جليًا بين الأقوام وليس بين القارورة والمرأة وجه شبه ظاهر، والحق أنه كلام في غاية الحسن والسلامة عن العيوب، ولا يلزم في الاستعارة أن يكون جلاء وجه الشبه من حيث ذاتهما، بل يكفي الجلاء الحاصل من القرائن كما في المبحث فالعيب في العائب:
وكم من عائب قولاً صحيحًا … وآفته من الفهم السقيم
قال: ويحتمل أن يكون قصد أبي قلابة أن هذه الاستعارة تحسن من مثل رسول الله ﷺ في البلاغة ولو صدرت ممن لا بلاغة له لعبتموها قال: وهذا هو اللائق بمنصب أبي قلابة. وقال الداودي: هذا قاله أبو قلابة لأهل العراق لما كان عندهم من التكلف ومعارضة الحق بالباطل.
ومطابقة الأحاديث لما ترجم عليه ظاهرة. فإن قلت: قد نفى الله تعالى عنه ﷺ في كتابه أن يكون شاعرًا وفي الأحاديث أنه أنشد الشعر واستنشده. أجيب: بأن المنفي في الآية إنشاء الشعر لا إنشاده ويقال لمن قاله متمثلاً أو جرى على لسانه موزونًا من غير قصد أنه شاعر، وقد دل غير ما حديث على جواز وقوع الكلام منه منظومًا من غير قصد إلى ذلك، ولا يسمى مثل ذلك شعرًا ولا القائل به شاعرًا، وقد وقع كثير من ذلك في القرآن العظيم لكن غالبه أشطار أبيات، والقليل منه وقع وزن بيت تام وللعلامة الشهاب أبي الطيب الحجازي قلائد النحور في جواهر البحور