للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

شهاب) عبد ربه بن نافع الحناط بالحاء المهملة والنون المشددة وبعد الألف مهملة الصغير لا الكبير (عن الأعمش) سليمان بن مهران (عن عمارة بن عمير) بضم العين فيهما والثاني مصغر التيمي من بني تيم اللات بن ثعلبة الكوفي (عن الحارث بن سويد) التيمي أيضًا التابعي الكبير كالسابقين لكن أولهما صغير من صغارهم والذي بعده من أوساطهم: (حدّثنا عبد الله بن مسعود) وسقط لغير أبي ذر ابن مسعود (حديثين أحدهما عن النبي والآخر عن نفسه قال): وهو الحديث الموقوف.

(إن المؤمن يرى ذنوبه) مفعول يرى الثاني محذوف أي كالجبال بدليل قوله في الآخر كذباب مرّ أو هو قوله (كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه) لقوّة إيمانه وشدة خوفه فلا يأمن العقوبة بسبب ذنوبه والمؤمن دائم الخوف والمراقبة يستصغر عمله الصالح ويخاف من صغير عمله (وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب) بالمعجمة الطير المعروف (مرّ على أنفه) فلا يبالي به لاعتقاده عدم حصول كبير ضرر بسببه (فقال به) بالذباب (هكذا) أي نحاه بيده أو دفعه وهو من إطلاق القول على الفعل، فالفاجر لقلة عمله يقل خوفه فيستهين بالمعصية ودل التمثيل الأول على غاية الخوف والاحتراز من الذنوب والثاني على نهاية قلة المبالاة والاحتفال بها.

(قال أبو شهاب): الحناط المذكور بالسند السابق في تفسير قوله: فقال به أي (بيده فوق أنفه) والتعبير بالذباب لكونه أخف الطير وأحقره ولأنه يدفع بالأقل وبالأنف للمبالغة في اعتقاده خفة الذنب عنده لأن الذباب قلما ينزل على الأنف، وإنما يقصد غالبًا العين وباليد تأكيدًا للخفة.

(ثم) قال ابن مسعود (قال) رسول الله :

(لله) بلام التأكيد المفتوحة (أفرح) أرضى (بتوبة عبده) وأقبل لها والفرح المتعارف في نعوت بني آدم غير جائز على الله تعالى لأنه اهتزاز طرب يجده الشخص في نفسه عند ظفره بغرض يستكمل به نقصانه أو يسدّ به خلته أو يدفع به عن نفسه ضررًا أو نقصًا، وإنما كان غير جائز

عليه تعالى لأنه الكامل بذاته الغني بوجوده الذي لا يلحقه نقص ولا قصور وإنما معناه الرضا والسلف فهموا منه ومن أشباهه ما وقع الترغيب فيه من الأعمال والإِخبار عن فضل الله، وأثبتوا هذه الصفات له تعالى ولم يشتغلوا بتفسيرها مع اعتقادهم تنزيهه تعالى عن صفات المخلوقين، وأما من اشتغل بالتأويل فله طريقان: أحدهما أن التشبيه مركب عقلي من غير نظر إلى مفردات التركيب بل تؤخذ الزبدة والخلاصة من المجموع وهي غاية الرضا ونهايته، وإنما أبرز ذلك في صورة التشبيه تقرير المعنى الرضا في نفس السامع وتصويرًا لمعناه وثانيهما تمثيلي وهو أن يتوهم للمشبه الحالات التي للمشبه به وينتزع له منها ما يناسبه حالة حالة بحيث لم يختلط منها شيء، والحاصل أن إطلاق الفرح في حقه تعالى مجاز عن رضاه وقد يعبر عن الشيء بسببه أو عن ثمرته الحاصلة عنه فإن من فرح بشيء جاد لفاعله بما سأل وبذل له ما طلب فعبّر عن عطائه تعالى وواسع كرمه بالفرح، وزاد الإِسماعيلي بعد قوله عبد المؤمن وكذا عند مسلم، ولأبي ذر: لله أفرح بتوبة العبد (من رجل نزل منزلاً) بكسر الزاي في الثاني (وبه) أي بالمنزل، وعند الإِسماعيلي بدوية بموحدة مكسورة فدال مفتوحة فواو مكسورة فتحتية مشددة مفتوحة فهاء تأنيث، وهو كذا عند مسلم والسنن أي مقفرة (مهلكة) بفتح الميم واللام تهلك سالكها أو من حصل فيها، وفي بعض النسخ كما في الفتح مهلكة بضم الميم وكسر اللام من مزيد الرباعي أي تهلك هي من حصل بها، وفي مسلم في أرض دوية مهلكة (ومعه راحلته عليها طعامه وشرابه فوضع رأسه فنام نومة فاستيقظ) من نومه (وقد ذهبت راحلته) فخرج في طلبها (حتى اشتدّ) ولأبي ذر: حتى إذا اشتدّ (عليه الحرّ والعطش أو ما شاء الله) شك من أبي شهاب قاله في الفتح وفي رواية أبي معاوية حتى إذا أدركه الموت (قال: أرجع إلى مكاني)

<<  <  ج: ص:  >  >>