في رواية صفوان أيضًا الحاكم بدل الحكم والقريب بدل الرقيب والمولى بدل الوال والأحد بدل المغني. وعند البيهقي وابن منده من طريق موسى بن أيوب عن الوليد المغيث بالمعجمة والمثلثة بدل المقيت بالقاف والمثناة، ووقع بين رواية زهير عن موسى بن عقبة عن الأعرج عن أبي هريرة عند أبي الشيخ وابن ماجة وابن أبي عاصم والحاكم وبين رواية صفوان عن الوليد مخالفة في ثلاثة وعشرين اسمًا. فليس في رواية زهير الفتاح القهار الحكم العدل الحسيب الجليل المحصي المقتدر المقدم المؤخر البر المنتقم الغني النافع الصبور البديع الغفار الحفيظ الكبير الواسع الأحد مالك الملك ذو الجلال والإكرام، وذكر بدلها الرب الفرد الكافي القاهر المبين بالموحدة الصادق الجميل البادئ بالدال القديم البارّ بتشديد الراء الوفي البرهان الشديد الواقي بالقاف القدير الحافظ العادل العلي العالم الأحد الأبد الوتر ذو القوّة.
ولم يقع في شيء من طرف الحديث سرد الأسماء إلا في رواية الوليد بن مسلم عند الترمذي، وفي رواية زهير بن محمد عن موسى بن عقبة عند ابن ماجة والطريقان يرجعان إلى رواية الأعرج وفيها اختلاف شديد في سرد الأسماء والزيادة والنقص.
ووقع سرد الأسماء أيضًا في طريق ثالثة عند الحاكم في مستدركه وجعفر الفريابي في الذكر من طريق عبد العزيز بن الحصين عن أيوب عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة، واختلف العلماء في سرد الأسماء هل هو مرفوع أو مدرج في الخبر من بعض الرواة فذهب إلى الأخير جماعة مستدلين بخلو أكثر الروايات عنه مع الاختلاف والاضطراب. قال البيهقي: ويحتمل أن يكون التعيين وقع من بعض الرواة في الطريقين معًا ولذا وقع الاختلاف الشديد بينهما، ولذا ترك الشيخان تخريج التعيين. وقال الترمذي بعد أن أخرجه من طريق الوليد: هذا حديث غريب حدّثنا به غير واحد عن صفوان ولا نعرفه إلا من حديث صفوان وهو ثقة. وقد روي من غير وجه عن أبي هريرة ولا نعلم في كثير من الروايات ذكر الأسماء إلا في هذه الطريق، وقد روي بإسناد آخر عن أبي هريرة فيه ذكر الأسماء وليس له سند صحيح. وقال الداودي: ولم يثبت أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عين الأسماء المذكورة وليس المراد من الحديث حصر الأسماء في التسعة والتسعين، ففي حديث ابن مسعود عند أحمد وصححه ابن حبان أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدًا من خلقك أو استأثرت به علم الغيب عندك. قال القرطبي: ويدل على عدم الحصر أن أكثرها صفات وصفات الله لا تتناهى وهل الاقتصار على العدد المذكور معقول أو تعبد لا يعقل معناه، وقيل إن أسماءه تعالى مائة استأثر الله تعالى بواحد منها وهو الاسم الأعظم فلم يطلع عليه أحدًا فكأنه قيل مائة لكن واحد منها عند الله وجزم السهيلي بأنها مائة على عدد درج الجنة، والذي يكمل المائة الله. واستدلّ بهذا الحديث على أن الاسم عين المسمى أو غيره وهي مسألة مشهورة سبق القول فيها أول هذا المجموع ويأتي إن شاء الله تعالى مزيد لذلك في محله بعون الله.
واختلف هل الأسماء الحسنى توقيفية بمعنى أنه لا يجوز لأحد أن يشتق من الأفعال الثابتة لله اسمًا إلا إذا ورد نص به في الكتاب والسنة؟ فقال الإمام فخر الدين: المشهور عن أصحابنا أنها توقيفية. وقال القاضي أبو بكر والغزالي الأسماء توقيفية دون الصفات قال: وهذا هو المختار، وقال الشيخ أبو القاسم القشيري في كتاب مفاتيح الحج ومصابيح النهج: أسماء الله تعالى تؤخذ توقيفًا ويراعى فيها الكتاب والسُّنّة والإجماع فكل اسم ورد في هذه الأصول وجب إطلاقه في وصفه تعالى وما لم يرد فيها لا يجوز إطلاقه في وصفه وإن يصح معناه، وقال الزجاج: لا ينبغي لأحد أن يدعوه بما لم يصف به نفسه فيقول يا رحيم لا يا رفيق ويقول يا قوي لا يا جليد، وقال الإمام، قال أصحابنا: كل ما صح معناه جاز إطلاقه عليه سبحانه وتعالى فإنه الخالق للأشياء كلها، ولا يجوز أن يقال يا خالق الذئب والقردة