(عروة بن الزبير) بن العوّام (أن المسور بن مخرمة) بفتح الميم وسكون الخاء المعجمة (أخبره أن عمرو بن عوف) بالفاء الأنصاري (وهو حليف) بفتح الحاء المهملة وكسر اللام (لبني عامر بن لؤي كان) عمرو بن عوف (شهد بدرًا مع رسول الله ﷺ أخبره أن رسول الله ﷺ بعث أبا عبيدة بن الجراح) زاد أبو ذر عن الكشميهني إلى البحرين البلد المشهور (يأتي بجزيتها) أي بجزية أهلها (وكان رسول الله ﷺ هو صالح أهل البحرين وأمّر عليهم) بتشديد الميم (العلاء بن الحضرمي) عبد الله بن مالك بن ربيعة وكان من أهل حضرموت سنة تسع من الهجرة (فقدم أبو عبيدة) بن الجراح سنة عشر (بمال من البحرين) وكان مائة ألف وثمانين ألف درهم، وقيل ثمانين ألفًا (فسمعت الأنصار بقدومه فوافته) بفاءين بينهما واو فألف ولأبي ذر عن المستملي والكشميهني فوافت بحذف الضمير وهما من الموافاة ولأبي ذر عن الحموي فوافقت بالقاف بين الفاء والفوقية (صلاة الصبح مع رسول الله ﷺ فلما انصرف)﵊(تعرّضوا له فتبسّم رسول الله ﷺ) وثبت رسول الله ﷺ لأبي ذر (حين رآهم وقال):
(أظنكم سمعتم بقدوم أبي عبيدة وأنه جاء بشيء) من الدراهم؟ (قالوا: أجل) نعم (يا رسول الله قال: فأبشروا) بقطع الهمزة وكسر المعجمة (وأمّلوا) بقطع الهمزة وكسر الميم المشددة (ما يسركم فوالله ما الفقر أخشى عليكم) بنصب الفقر بتقدير ما أخشى الفقر وحذف لأن أخشى عليكم مفسر له، ويجوز الرفع بتقدير ضمير أي: ما الفقر أخشاه عليكم. قال في الفتح: والأول هو الراجح. وقال في التنقيح: والرفع ضعيف لأنه يحتاج إلى ضمير يعود عليه وإنما يجوز ذلك في الشعر اهـ.
وتعقبه في المصابيح فقال: ضعف ذلك مذهب كوفي قال في التسهيل: ولا يختص بالشعر خلافًا للكوفيين، وقال في شرح المشكاة: فائدة تقديم المفعول هنا الاهتمام بشأن الفقر لأن الوالد المشفق إذا حضره الموت كان اهتمامه بحال ولده في المال فأعلم ﷺ أصحابه أنه وإن كان لهم في الشفقة عليهم كالأب لكن حاله في أمر المال يخالف حال الوالد، وأنه لا يخشى عليهم الفقر كما يخشاه الوالد، ولكن يخشى عليهم من الغنى الذي هو مطلوب الوالد لولده كما قال:
(ولكن أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها) بحذف إحدى التاءين فيهما أي فترغبوا فيها كما رغبوا فيها (وتلهيكم) عن الآخرة (كما ألهتهم) عنها.
فإن قلت: تقديم المفعول هنا يؤذن بأن الكلام في المفعول لا في الفعل كقولك ما زيدًا ضربت فلا يصح أن يعقب المنفي بإثبات ضده فتقول ولكن أكرمته لأن المقام يأباه إذ الكلام في المفعول هل هو زيد أو عمرو مثلاً لا في الفعل هل هو إكرام أو إهانة والحديث قد وقع في الاستدراك بإثبات هذا الفعل المنفي فقال: ولكن أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم الخ فكيف يتأتى هذا؟ فالجواب: أن المنظور إليه في الاستدراك هو المنافسة في الدنيا عند بسطها عليهم فكأنه قال: ما الفقر أخشى عليكم ولكن المنافسة في الدنيا فلم يقع الاستدراك إلا في المفعول كقولك: ما زيدًا ضربت ولكن عمرًا ثم الفعل المثبت ثانيًا ليس ضد الفعل المنفي أو لا يحسب الوضع وإنما اختلفا بالمتعلق فذكره لا يضر لأنه في الحقيقة استدراك بالنسبة إلى المفعول لا إلى الفعل قاله في المصابيح.
والحديث فيه ثلاثة من التابعين على نسق موسى وابن شهاب وعروة وصحابيان المسور وعمرو وكلهم مدنيون، وسبق في الجزية والموادعة مع أهل الذمة.
وبه قال:(حدّثنا قتيبة بن سعيد) سقط لأبي ذر: ابن سعيد قال: (حدّثنا الليث) ولأبي ذر: ليث بن سعد (عن يزيد بن أبي حبيب) سويد الأزدي عالم أهل مصر (عن أبي الخير) مرثد بن عبد الله (عن عقبة بن عامر) الجهني ﵁(أن رسول الله) ولأبي ذر