عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (ساعة فقال لي: اجلس هاهنا قال) أبو ذر: (فأجلسني) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (في قاع) أرض سهلة مطمئنة انفرجت عنها الجبال (حوله حجارة فقال لي: اجلس هاهنا حتى أرجع إليك قال) أبو ذر: (فانطلق) عليه الصلاة والسلام (في الحرّة) بالحاء المهملة المفتوحة والراء المشددة أرض ذات حجارة سود (حتى لا أراه) بفتح الهمزة (فلبث) بكسر الموحدة (عني فأطال الليث) بفتح اللام وضمها (ثم إني سمعته) عليه الصلاة والسلام (وهو مقبل) بكسر الموحدة والواو للحال كهي في قوله: (وهو يقول: وإن سرق وإن زنى قال) أبو ذر: (فلما جاء) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (لم أصبر حتى قلت يا نبي الله جعلني الله فداءك) بالهمز (من تكلم)؟ بضم الفوقية وكسر اللام أنت أو بفتحهما وكذا الميم، أي من تكلم معك (في جانب الحرة ما سمعت أحدًا يرجع) ولأبي ذر عن الكشميهني يردّ (إليك شيئًا؟ قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (ذلك) باللام ولأبي ذر ذاك بإسقاطها أي الذي سمعته (جبريل عليه السلام عرض) أي ظهر (لي: في جانب الحرّة قال) لي (بشّر أمتك أنه من مات) منهم (لا يشرك بالله) عز وجل (شيئًا دخل الجنة) جواب الشرط (قلت): ولأبي ذر فقلت: (يا جبريل وإن سرق وإن زنى)؟ دخل الجنة (قال)
جبريل (نعم) أي كان مصيره إلى الجنة وإن ناله عقوبة (قال) عليه الصلاة والسلام: (قلت) يا جبريل وسقط لأبي ذر قال قلت (وإن سرق وإن زنى؟ قال) جبريل (نعم قلت) يا جبريل (وإن سرق أو زنى؟ قال: نعم) كذا لأبي ذر بتكرير وإن سرق وإن زنى مرتين وللمستملي ثلاثًا، وزاد بعد الثالثة وإن شرب الخمر.
والحديث سبق بزيادة ونقصان في الاستقراض والاستئذان، وأخرجه مسلم في الزكاة والترمذي في الإيمان والنسائي في اليوم والليلة.
(قال النضر) بن شميل (أخبرنا شعبة) بن الحجاج قال: (وحدّثنا) وسقطت لأبي ذر الواو (حبيب بن أبي ثابت والأعمش) سليمان (وعبد العزيز بن رفيع) قالوا: (حدّثنا زيد بن وهب بهذا) الحديث فصرح الثلاثة بالتحديث عن زيد بن وهب فأمن تدليس الأولين على أنه لو روي من رواية شعبة بغير تصريح لأمن فيه من التدليس لأنه كان لا يحدث عن شيوخه إلا بما لا تدليس فيه، ولأبي ذر عن زيد بن وهب وقوله بهذا أي الحديث المذكور، واعترضه الإسماعيلي بأنه ليس في حديث شعبة قصة المكثرين والمقلين، وإنما فيه قصة من مات لا يشرك بالله شيئًا.
وأجيب: بأنه واضح على طريقة أهل الحديث لأن مراده أصل الحديث فإن الحديث المذكور في الأصل مشتمل على ثلاثة أشياء ما يسرني أن لي أُحدًا ذهبًا، وحديث المكثرين والمقلين، ومن مات لا يشرك بالله شيئًا دخل الجنة، فيجوز إطلاق الحديث على كل واحد من الثلاثة إذا أفرد، فقول البخاري بهذا أي بأصل الحديث لا خصوص اللفظ المسوق وتعقبه العيني بأن الإطلاق في موضع التقييد غير جائز، وقوله بهذا أي بأصل الحديث غير سديد لأن الإِشارة بلفظ هذا تكون للحاضر والحاضر هو اللفظ السوق.
(قال أبو عبد الله) البخاري -رحمه الله تعالى-: (حديث أبي صالح) ذكوان الزيات (عن أبي الدرداء) عويمر بن مالك (مرسل لا يصح إنما أردنا) ذكره (للمعرفة) بحاله (والصحيح حديث أبي ذر) قال صاحب التلويح: فيه نظر فإن النسائي أخرجه بسند صحيح على شرط مسلم (قيل لأبي عبد الله) البخاري (حديث عطاء بن يسار) أي المروي عند النسائي من رواية محمد بن أبي حرملة عن عطاء بن يسار (عن أبي الدرداء) بلفظ أنه سمع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو يقص على المنبر يقول:{ولمن خاف مقام ربه جنتان}[الرحمن: ٤٦] فقلت: إن زنى وإن سرق يا رسول الله؟ فقال:"وإن زنى وإن سرق" فأعدت فأعاد فقال في الثالثة قال: نعم وإن رغم أنف أبي الدرداء.
(قال) أبو عبد الله البخاري هو (مرسل أيضًا لا يصح والصحيح حديث أبي ذر) لأنه من المسانيد (وقال): أي البخاري (اضربوا على حديث أبي الدرداء) لأنه من المراسيل. قال الحافظ ابن حجر: قد