أجداده قال: (حدّثنا عمر بن علي) بضم العين وفتح الميم وهو عم محمد الراوي عنه وعمر مدلس لكنه صرح بالسماع حيث قال: إنه (سمع أبا حازم) بالحاء المهملة والزاي سلمة بن دينار (عن سهل بن سعد) بسكون الهاء والعين فيهما الساعدي -رضي الله عنه- (عن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه (قال):
(من يضمن لي) بجزم يضمن (ما بين لحييه) بفتح اللام وسكون الحاء الله والتثنية العظمان في جانبي الفم النابت عليهما الأسنان علوًّا وسفلاً والمراد اللسان وما ينطق به (وما بين رجليه) وهو الفرج (أضمن له الجنة) بالجزم على جواب الشرط والمراد بالضمان لازمه وهو أداء الحق أي من أدّى الحق الذي على لسانه من النطق بما يجب عليه أو الصمت عما لا يعنيه وأدى الحق الذي على فرجه من وضعه في الحلال وكفه عن الحرام جازيته بالجنة.
وقال الطيبي: أصل الكلام من يحفظ ما بين لحييه من اللسان والفم مما لا يعنيه من الكلام والطعام يدخل الجنة، وأراد أن يؤكد الوعيد تأكيدًا بليغًا فأبرزه في صورة التمثيل ليشير بأنه واجب الأداء فشبه صورة حفظ المؤمن نفسه بما وجب عليه من أمر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ونهيه وشبه ما يترتب عليه من الفوز بالجنة، وأنه واجب على الله تعالى بحسب الوعد أداؤه وأن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هو الواسطة والشفيع بينه وبين الله تعالى بصورة شخص له حق واجب الأداء على آخر فيقوم به ضامن يتكفل له بأداء حقه، وأدخل المشبه في جنس صورة المشبه به وجعله
فردًا من أفراده ثم ترك المشبه به وجعل القرينة الدالة عليه ما يستعمل فيه من الضمان ونحوه في التمثيل: {إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة} [التوبة: ١١١] اهـ.
وخصّ اللسان والفرج لأنهما أعظم البلاء على الإنسان في الدنيا فمن وقي شرهما وقي أعظم الشر.
والحديث أخرجه أيضًا في المحاربين والترمذي في الزهد وقال حسن صحيح غريب.
٦٤٧٥ - حَدَّثَنِى عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا، أَوْ لِيَصْمُتْ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلَا يُؤْذِ جَارَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ».
وبه قال: (حدثني) بالإفراد ولأبي ذر بالجمع (عبد العزيز بن عبد الله) العامري الأويسي الفقيه قال: (حدّثنا إبراهيم بن سعد) بسكون العين الزهري العوفي أبو إسحاق المدني (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري (عن أبي سلمة) بن عبد الرَّحمن (عن أبي هريرة -رضي الله عنه-) أنه (قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):
(من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت) بضم الميم ليسكت عن الشر (ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره) وفي مسلم فليحسن إلى جاره (ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه) أي يزد في إكرامه على ما كان يفعل في عياله.
٦٤٧٦ - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ الْمَقْبُرِىُّ، عَنْ أَبِى شُرَيْحٍ الْخُزَاعِىِّ قَالَ: سَمِعَ أُذُنَاىَ وَوَعَاهُ قَلْبِى النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «الضِّيَافَةُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، جَائِزَتُهُ» قِيلَ: مَا جَائِزَتُهُ؟ قَالَ: «يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ» قَالَ: «وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا، أَوْ لِيَسْكُتْ».
وبه قال: (حدّثنا أبو الوليد) هشام بن عبد الملك الطيالسي قال: (حدّثنا ليث) هو ابن سعد الإمام قال: (حدّثنا سعيد المقبري عن أبي شريح) بضم الشين المعجمة وفتح الراء وبعد التحتية الساكنة حاء مهملة خويلد (الخزاعي) بضم الخاء المعجمة وفتح الزاي وبعد الألف عين مهملة مكسورة العدوي -رضي الله عنه- (قال: سمع أذناي ووعاه قلبي النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول):
(الضيافة ثلاثة أيام جائزته) بالرفع في الفرع كأصله. قال في المصابيح: على أنه مبتدأ حذف خبره أي منها جائزته ويكون هذا على رأي من يرى أن الجائزة داخلة في الضيافة لا خارجة عنها، وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله، والإمام العيني كالكرماني: المعنى أعطوا جائزته فإن الرواية بالنصب وإن جاءت بالرفع فالمعنى متوجه عليكم جائزته (قيل) يا رسول الله (ما جائزته؟
قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (يوم) أي زمان جائزته يوم (وليلة) ولا بد من تقدير هذا المضاف إذ لا يجوز أن يكون الزمان خبرًا عن الجثة وهذا يدل على أن الجائزة بعد الضيافة وهو أن يقري ثلاثة أيام ثم يعطي ما يجوز به مسافة ثلاثة أيام أو قوله جائزته الخ جملة مستأنفة مبينة الأولى أي بره وإلطافه يوم وليلة وفي اليومين الأخيرين يكون كالقوم يقدم له ما حضر وسبق ما في ذلك (قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل