هو عبد الله بن عبد الرَّحمن بن أبي مليكة واسمه زهير (أن أبا عمرو) فتح العين (ذكوان) بفتح الذال المعجمة (مولى عائشة أخبره أن عائشة -رضي الله عنها- كانت تقول: إن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان بين
يديه) في مرض موته (ركوة) بفتح الراء إناء صغير من جلد متخذ للشرب (أو علبة) بضم العين المهملة وسكون اللام بعدها موحدة قدح من خشب ضخم يحلب فيه قاله ابن فارس في المجمل (فيها ماء يشك) بلفظ المضارع، ولأبي ذر شك بلفظ الماضي (عمر) بن سعيد المذكور هل قال: ركوة أو علبة (فجعل) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (يدخل يديه في الماء فيمسح بهما) بالتثنية فيهما وللحموي والمستملي يده فيمسح بها (وجهه يقول):
(لا إله إلا الله إن للموت سكرات) نصب بالكسرة أي شدائد وكان ذلك تكميلاً لفضائله ورفعة لدرجاته (ثم نصب) عليه الصلاة والسلام (يده) بالإفراد (فجعل يقول: في الرفيق) أي أدخلني في جملة الرفيق (الأعلى) أي اخترت الموت (حتى قبض ومالت يده) وقد وصف الله تعالى شدة الموت في أربع آيات {وجاءت سكرة الموت بالحق}[ق: ١٩]{ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت}[الأنعام: ٩٣]. و {إذا بلغت الحلقوم}[الواقعة: ٨٣] و {كلاًّ إذا بلغت التراقي}[القيامة: ٢٦]. وفي حديث جابر بن عبد الله عند ابن أبي شيبة في سننه مرفوعًا: إن طائفة من بني إسرائيل أتوا مقبرة من مقابرهم فقالوا: لو صلينا ركعتين وسألنا الله تعالى يخرج لنا بعض الأموات يخبرنا عن الموت قال: ففعلوا فبينما هم كذلك إذ أطلع لهم رجل رأسه من قبره أسود اللون خلا شيء بين عينيه من أثر السجود فقال: يا هؤلاء ما أردتم إليّ لقد من منذ مائة سنة فما سكنت عني مرارة الموت إلى الآن. وفي الحلية عن مكحول عن واثلة مرفوعًا:"والذي نفسي بيده لمعاينة ملك الموت أشد من ألف ضربة بالسيف" الحديث، فالموت هو الخطب الأفظع، والأمر الأشنع، والكأس التي طعمها أكره وأبشع.
وحديث الباب مختصر من حديث مرّ في المغازي وزاد أبو ذر والوقت عن المستملي قال أبو عبد الله أي البخاري: العلبة متخذة من الخشب والركوة من الأدم، وقال اللغوي أبو هلال الحسن بن عبد الله بن سهل في كتابه التلخيص مما وجدته في التذكرة: والعلبة قدح الأعراب مثل العس يتخذ من جنب جلد البعير والجمع علاب، وقيل أسفله جلد وأعلاه خشب مدوّر.
وبه قال:(حدثني) بالإفراد ولأبي ذر: حدّثنا (صدقة) بن الفضل المروزي قال: (أخبرنا عبدة) بفتح المهملة وسكون الموحدة ابن سليمان (عن هشام عن أبيه) عروة بن الزبير (عن عائشة) -رضي الله عنها- أنها (قالت: كان رجال من الأعراب) أي أعرف أسماءهم (جفاة) بالجيم والنصب في اليونينية خبر كان ولأبي ذر: حفاة بالحاء المهملة والرفع لعدم اعتنائهم بالملابس، وقال في الفتح؛ بالجيم للأكثر لأن سكان البوادي يغلب عليهم خشونة العيش فتجفو أخلاقهم غالبًا (يأتون النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فيسألونه متى الساعة) تقوم (فكان) عليه الصلاة والسلام (ينظر إلى أصغرهم) أحدثهم
سنًّا كما في مسلم بمعناه، وفي مسلم أيضًا من حديث أنس وعنده غلام من الأنصار يقال له محمد وفي أخرى له وعنده غلام من أزد شنوءة وفي أخرى له غلام للمغيرة بن شعبة وكان من أقراني. قال في الفتح: ولا تغاير في ذلك وطريق الجمع أنه كان من أزد شنوءة وكان حليفًا للأنصار وكان يخدم المغيرة، وقوله: وكان من أقراني في رواية له من أتراب يريد في السن، وكان سن أنس حينئذ نحو سبع عشرة سنة (فيقول) عليه الصلاة والسلام:
(إن يعش هذا) الأحدث سنًّا (لا يدركه الهرم) بجزم يدركه جواب الشرط (حتى تقوم عليكم ساعتكم قال هشام): هو ابن عروة راوي الحديث بالسند السابق إليه (يعني) بقوله ساعتكم (موتهم) لأن ساعة كل إنسان موته فهي الساعة الصغرى لا الكبرى التي هي بعث الناس للمحاسبة، ولا الوسطى التي هي موت أهل القرن الواحد. وقال الداودي مما نقله في الفتح: هذا الجواب من معاريض الكلام لأنه لو قال لهم لا أدري ابتداء مع ما هم فيه من الجفاء