كان يقول، ولفظ رواية هشام هذه أخرجه مسلم والإسماعيلي من طرق يقال للكافر والباقي مثل الآتية. قال البخاري (ح).
(وحدثني) بالإفراد (محمد بن معمر) بفتح الميمين بينهما عين مهملة ساكنة آخره راء القيسي البصري البحراني بالموحدة والحاء المهملة قال: (حدّثنا روح بن عُبَادة) بضم العين وتخفيف الموحدة قال: (حدّثنا سعيد) بكسر العين ابن أبي عروبة واللفظ لسعيد (عن قتادة) بن دعامة أنه قال: (حدّثنا أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن نبي الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يقول):
(يجاء) بضم التحتية (بالكافر يوم القيامة فيقال له) أي فيقول الله له (أرأيت لو كان لك ملء الأرض ذهبًا أكنت) بهمزة الاستفهام (تفتدي به) بالفاء من النار (فيقول: نعم) يا رب (فيقال له) زاد مسلم كذبت (قد كنت سئلت) بضم السين (ما هو أيسر من ذلك) وهو التوحيد كما سيأتي بعد باب إن شاء الله تعالى.
والحديث سبق في باب قول الله تعالى: {وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة} [البقرة: ٣٠] من كتاب الأغنياء.
٦٥٣٩ - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنِى الأَعْمَشُ حَدَّثَنِى خَيْثَمَةُ عَنْ عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: قَالَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَاّ وَسَيُكَلِّمُهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لَيْسَ بَيْنَ اللَّهِ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ، ثُمَّ يَنْظُرُ فَلَا يَرَى شَيْئًا قُدَّامَهُ ثُمَّ يَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَتَسْتَقْبِلُهُ النَّارُ، فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَّقِىَ النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ».
وبه قال: (حدّثنا عمر بن حفص) قال: (حدّثنا أبي) حفص بن غياث قال: (حدثني) بالإفراد ولأبي ذر حدّثنا (الأعمش) سليمان قال: (حدثني) بالإفراد (خيثمة) بالخاء المعجمة والمثلثة المفتوحتين بينهما ياء تحتية ساكنة ابن عبد الرَّحمن الجعفي (عن عدي بن حاتم) بالحاء المهملة الطائي -رضي الله عنه- أنه (قال: قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):
(ما منكم من أحد إلاّ وسيكلمه الله) عز وجل والواو عطف على محذوف تقديره إلا سيخاطبه وسيكلمه ولأبي ذر إلا سيكلمه الله (يوم القيامة ليس بين الله وبينه) ولأبي ذر ليس بينه
وبينه (ترجمان) بضم الفوقانية وفتحها وضم الجيم يفسر الكلام بآخر، وسبق في الزكاة ثم ليقفن أحدكم بين يدي الله ليس بينه وبينه حجاب ولا ترجمان يترجم له ثم ليقولن له: ألم أوتك مالاً؟ فليقولن: بلى (ثم ينظر فلا يرى شيئًا قدامه) بضم القاف وتشديد الدال أي أمامهُ (ثم ينظر بين يديه) ولمسلم فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم، قال ابن هبيرة: نظر اليمين والشمال هنا كالمثل لأن الإنسان من شأنه إذا دهمه أمر أن يلتفت يمينًا وشمالاً يطلب الغوث، وقال صاحب الفتح: أو يكون سبب الالتفات أنه يترجى أن يجد طريقًا يذهب فيها للنجاة من النار (فتستقبله النار) لأنها تكون في ممره فلا يمكنه أن يحيد عنها إذ لا بدّ له من المرور على الصراط (فمن استطاع منكم أن يتقي النار ولو بشق تمرة) أي فليفعل. قال المظهري: يعني إذا عرفتم ذلك فاحذروا من النار فلا تظلموا أحدًا ولو بمقدار شق تمرة.
وقال الطيبي: ويحتمل أن يراد إذا عرفتم أنه لا ينفعكم في ذلك اليوم شيء من الأعمال غير الصالحة وأن أمامكم النار فاجعلوا الصدقة جنة بينكم وبينها ولو بشق تمرة.
والحديث مرّ في الزكاة.
٦٥٤٠ - قَالَ الأَعْمَشُ: حَدَّثَنِى عَمْرٌو عَنْ خَيْثَمَةَ عَنْ عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: قَالَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «اتَّقُوا النَّارَ» ثُمَّ أَعْرَضَ وَأَشَاحَ ثُمَّ قَالَ: «اتَّقُوا النَّارَ» ثُمَّ أَعْرَضَ وَأَشَاحَ ثَلَاثًا حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا ثُمَّ قَالَ: «اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ».
(قال الأعمش): سليمان بالسند السابق إليه (حدثني) بالإفراد (عمرو) بفتح العين ابن مرة (عن خيثمة) بن عبد الرَّحمن (عن عدي بن حاتم) -رضي الله عنه-، وسقط لأبي ذر: ابن حاتم أنه (قال: قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):
(اتقوا النار ثم أعرض) عن النار لما ذكرها كأنه ينظر إليها (وأشاح) بهمزة مفتوحة فشين معجمة وبعد الألف حاء مهملة. قال الخليل: أشاح بوجهه عن الشيء نحّاه عنه، وقال الفراء: المشيح الحذر والجادّ في الأمر والمقبل في خطابه. قال الحافظ ابن حجر: فيصحح أخذ هذه المعاني كلها أي حذر النار كأنه ينظر إليها أوجد على الوصية باتقائها أو أقبل على أصحابه في خطابه بعد أن أعرض عن النار (ثم قال: اتقوا النار ثم أعرض وأشاح) قال -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذلك وفعله (ثلاثًا) ووقع هنا تكرير ثم ثلاثًا (حتى ظننا أنه) عليه الصلاة والسلام (ينظر إليها) أي إلى النار (ثم قال: اتقوا النار ولو بشق تمرة) من كسب طيب (فمن لم يجد) ما يتصدق به (فبكلمة طيبة) كالدلالة على هدى والصلح بين اثنين وفصل بين متنازعين وحل مشكل وكشف غامض وتسكين غضب قاله ابن هبيرة فيما نقله في الفتح.
وفي الحديث فوائد لا تخفى والله الموفق.