أبي هريرة عند أحمد والبيهقي في البعث قال: سألت ربي عز وجل فوعدني أن يدخل الجنة من أمتي زمرة هم سبعون ألفًا وزاد فاستزدت ربي فزادني مع كل ألف ألفًا وسنده جيد، وفي الترمذي وحسنه عن أبي أمامة رفعه: وعدني ربي أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفًا مع كل ألف سبعين ألفًا لا حساب عليهم ولا عذاب وثلاث حثيات من حثيات ربي.
وفي حديث أبي بكر الصديق عند أحمد وأبي يعلى أعطاني مع كل واحد من السبعين ألفًا سبعين ألفًا، لكن في سنده راو ضعيف الحفظ وآخر لم يسم، وعند الكلاباذي في معاني الأخبار بسند واه عن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال:"إن آتيًا أتاني من ربي فبشرني أن الله يدخل من أمتي سبعين ألفًا بغير حساب ولا عذاب، ثم أتاني فبشرني أن الله يدخل من أمتي مكان كل واحد من السبعين ألفًا سبعين ألفًا بغير حساب ولا عذاب، ثم أتاني فبشرني أن الله يدخل من أمتي مكان كل واحد من السبعين المضاعفة سبعين ألفًا بغير حساب ولا عذاب، فقلت يا رب لا تبلغ هذا أمتي" قال: "أكملهم لك من الأعراب ممن لا يصوم ولا يصلّي". قال الكلاباذي: المراد بالأمة أولاً أمة الإجابة وبقوله آخرًا أمتي أمة الاتباع فإن أمته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على ثلاثة أقسام: أحدها أخص
من الآخر أمة الاتباع ثم أمة الإجابة ثم أمة الدعوة فالأولى أهل العمل الصالح، والثانية مطلق المسلمين، والثالثة من عداهم ممن بعث إليهم.
(فقام إليه) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (عكاشة بن محصن) بضم العين المهملة وفتح الكاف مشددة وتخفف ومحصن بكسر الميم وسكون الحاء وفتح الصاد المهملتين آخره نون ابن حرثان بضم الحاء المهملة وسكون الراء بعدها مثلثة من بني أسد بن خزيمة وكان عكاشة من السابقين (فقال): يا رسول الله (ادع الله أن يجعلني منهم. قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (اللهم اجعله منهم ثم قام إليه رجل آخر) هو سعد بن عبادة كما عند الخطيب في المبهمات واستبعد هذا من جهة جلالة سعد بن عبادة (قال) يا رسول الله (ادع الله أن يجعلني منهم. قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (سبقك بها) بالصفات التي هي التوكل وسابقه (عكاشة) أو أراد بذلك حسم المادة إذ لو أجاب الثاني لقام ثالث ورابع وهلمّ جرًّا، وليس كل أحد يصلح لذلك أو أنه أجاب عكاشة بوحي ولم يوح إليه في غيره أو أن الساعة التي سأل فيها عكاشة ساعة إجابة. ثم انقضت وهذا أولى من قول إنه كان منافقًا لأن الأصل في الصحابة عدم النفاق، وأيضًا فإن مثل هذا السؤال قلّ أن يصدر إلا عن قصد صحيح، وفي حديث جابر عند الحاكم والبيهقي في الشعب رفعه: من زادت حسناته على سيئاته فذلك الذي يدخل الجنة بغير حساب ومن استوت حسناته وسيئاته فذلك الذي يحاسب حسابًا يسيرًا ومن أوبق نفسه فهو الذي يشفع فيه بعد أن يعذب.
وبه قال (حدّثنا معاذ بن أسد) المروزي قال: (أخبرنا عبد الله) بن المبارك المروزي قال: (أخبرنا يونس) بن يزيد الأيلي (عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب أنه (قال: حدثني) بالإفراد (سعيد بن المسيب) أبو محمد المخزومي أحد الأعلام وسيد التابعين (أن أبا هريرة) -رضي الله عنه- (حدثه قال: سمعت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول):
(يدخل من) ولأبي ذر يدخل الجنة من (أمتي زمرة هم سبعون ألفًا تضيء وجوههم إضاءة القمر ليلة البدر) ليلة أربعة عشر (وقال أبو هريرة) -رضي الله عنه- وسقطت واو وقال لأبي ذر بالسند المذكور (فقام عكاشة بن محصن الأسدي يرفع نمرة عليه) كساء فيه خطوط بيض وسود كأنها أخذت من جلد النمر (فقال: يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم. قال): ولأبي ذر فقال
(اللهم اجعله منهم ثم قام رجل من الأنصار فقال: يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم فقال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (سبقك عكاشة) أي بها وفي التقييد بقوله: من أمتي إخراج غير هذه الأمة المحمدية من العدد المذكور، وليس فيه نفي دخول أحد من غير هذه الأمة على الصفة المذكورة من التشبيه بالقمر ومن الأولية وغير ذلك كالأنبياء