لأن الراضي بالشيء يشكر من فعل له ذلك.
(ولا يدخل النار أحد) ولأبي ذر عن الكشميهني: أحد النار (إلا أري مقعده من الجنة لو أحسن) لو عمل عملاً حسنًا وهو الإسلام (ليكون عليه حسرة) زيادة على تعذيبه. قال في الفتح: وقع عند ابن ماجة بسند صحيح من طرق أخرى عن أبي هريرة أن ذلك يقع عند المسألة في القبر وفيه: فيفرج له فرجة قبل النار فينظر إليها فيقال له: انظر إلى ما وقال الله. وفي حديث أبي سعيد عند الإمام أحمد يفتح له باب إلى النار فيقول: هذا منزلك لو كفرت بربك فأما إذا آمنت فهذا منزلك فيفتح له باب إلى الجنة فيريد أن ينهض إليه فيقول له: اسكن ويفسح له في قبره.
ومطابقة حديث الباب لما ترجم له من حيث كون المقعدين فيهما نوع صفة لهما.
٦٥٧٠ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّهُ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ فَقَالَ: «لَقَدْ ظَنَنْتُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَنْ لَا يَسْأَلَنِى عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَحَدٌ أَوَّلُ مِنْكَ، لِمَا رَأَيْتُ مِنْ حِرْصِكَ عَلَى الْحَدِيثِ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِى يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ خَالِصًا مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ».
وبه قال: (حدّثنا قتيبة بن سعيد) سقط لأبي ذر ابن سعيد قال: (حدّثنا إسماعيل بن جعفر) الزرقي الأنصاري أبو إسحاق القاري (عن عمرو) بفتح العين ابن أبي عمرو بفتح العين أيضًا مولى المطلب بن عبد الله بن حنطب (عن سعيد بن أبي سعيد) بكسر العين فيهما واسم أبي سعيد كيسان (المقبري عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قال: قلت يا رسول الله من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة)؟ قال في فتح الباري: لعل أبا هريرة سأل عن ذلك عند قوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: وأريد أن أختبئ دعوتي لأمتي في الآخرة (فقال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
والله (لقد ظننت يا أبا هريرة أن لا يسألني) أن هي المخففة من الثقيلة (عن هذا الحديث أحد أول منك) برفع أول صفة لأحد أو هو خبر مبتدأ محذوف أي هو أول وبفتحها لأبي ذر على الظرفية وقال العيني على الحال (لما رأيت) للذي رأيته (من حرصك على الحديث) من بيانية أو لرؤيتي بعض حرصك فمن تبعيضية (أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال: لا إله إلا الله خالصًا) من الشرك (من قبل نفسه) بكسر القاف وفتح الموحدة أي من جهة نفسه مختارًا طائعًا وأسعد هنا هل هي على بابها من التفضيل أو هي بمعنى فعيل يعني سعيد الناس، وعلى الأول فالمعنى سعد ممن لم يكن في هذه المرتبة من الإخلاص المؤكد البالغ غايته لقوله من قلبه إذ الإخلاص معدنه القلب ففائدته التأكيد لأن إسناد الفعل إلى الجارحة أبلغ في التأكيد تقول: إذا
أردت التأكيد أبصرته عيني وسمعته أذني، والمراد بالشفاعة هنا بعض أنواعها وهي التي يقول فيها -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أمتي أمتي" فيقال له أخرج من في قلبه وزن كذا من إيمان فأسعد الناس بهذه الشفاعة من يكون إيمانه أكمل ممن دونه، وأما الشفاعة العظمى في الإراحة من كرب الموقف فأسعد الناس بها من سبق إلى الجنة وهم الذين يدخلونها بغير حساب ثم الذين يدخلونها بغير عذاب بعد الحساب واستحقاق العذاب، ثم من يصيبهم لفح من النار ولا يسقطون فيها. والشفاعات كما قال عياض خمس:
الأولى: العظمى وهي لإراحة الناس من هول الموقف وهي مختصة بنبينا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. قال النووي: قيل وهي المقام المحمود، وقال الطبراني: قال أكثر أهل التأويل: المقام المحمود هو الذي يقومه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ليريحهم من كرب الموقف لحديث ابن عباس المقام المحمود الشفاعة، وحديث أبي هريرة في قوله تعالى: {عسى أن يبعثك ربك مقامًا محمودًا} [الإسراء: ٧٩] قال: سئل عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال: هي الشفاعة.
الثانية: في إدخال قوم الجنة بغير حساب، وهذه وردت أيضًا في نبينا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، واستدلّ لها بقوله تعالى في جواب قوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أمتي أمتي أدخل الجنة من أمتك من لا حساب عليه، أو الدليل عليها سؤاله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الزيادة على السبعين ألفًا الذين يدخلون الجنة بغير حساب فأجيب.
الثالثة: في إدخال قوم حوسبوا فاستحقوا العذاب أن لا يعذبوا.
الرابعة: فيمن دخل النار من المذنبين فقد جاءت الأحاديث بإخراجهم من النار بشفاعته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وغيره.
الخامسة: في زيادة الدرجات في الجنة