(حدّثنا عبد الرزاق) بن همام قال: (أخبرنا معمر) هو ابن راشد واللفظ لروايته (عن الزهري عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبي هريرة)﵁ أنه (قال: قال أناس) وفي التوحيد قلنا: (يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة؟ قال)ﷺ:
(هل تضارون) بضم الفوقية وفتح الضاد المعجمة وبعد الألف راء مشددة بصيغة المفاعلة من الضر وأصله تضارون فأسكنت الراء الأولى وأدغمت في الثانية أي هل تضرون أحدًا أو يضركم بمنازعة أو مجادلة أو مضايقة (في) رؤية (الشمس ليس دونها سحاب) يحجبها (قالوا: لا يا رسول الله. قال: هل تضارون) بالراء المشددة أيضًا (في) رؤية (القمر ليلة البدر) عند تمام نوره (ليس دونه سحاب) يحجبه (قالوا: لا يا رسول الله قال: فإنكم ترونه) إذا تجلى لكم (يوم القيامة كذلك) بحيث لا يججب بعضكم بعضًا ولا يضره ولا يجادله ولا يزاحمه كما يفعل عند رؤية الأهلة بل كالحال عند رؤية الشمس والقمر ليلة البدر، وقد روي ولا تضامون بالضاد المعجمة وتشديد الميم من الضم وهو الازدحام أيضًا أي لا تزدحمون عند رؤيته تعالى كما تزدحمون عند رؤية الأهلة، وروي بتخفيف الميم من الضيم الذي هو الذل أي لا يذل بعضكم بعضًا بالمزاحمة،
والمنافسة والمنازعة، وفي البخاري لا تضامون أو تضاهون بالهاء على الشك كما في فضل صلاة الفجر ومعنى الذي بالهاء لا يشتبه عليكم ولا ترتابون فيه فيعارض بعضكم بعضًا، وفي باب فضل السجود من البخاري: هل تمارون بضم الفوقية وتخفيف الراء أي تجادلون في ذلك أو يدخلكم فيه شك من المرية وهي الشك وروي بفتح أوله وبفتح الراء على حذف إحدى التاءين وفي رواية البيهقي تتمارون بإثباتهما والكاف في قوله كذلك ليست لتشبيه المرئي وإنما هي لتشبيه الرؤية بالرؤية في الوضوح وهي فعل الرائي ومعناه إنها رؤية يزاح عنها الشك. وقال الصعلوكي فيما سمعه منه البيهقي في تضامون المضموم الأول المشدد الميم يريد لا تجتمعون لرؤيته في جهة ولا يضم بعضكم إلى بعض فإنه تعالى لا يرى في جهة ومعناه على فتح أوله لا تتضامون في رؤية بالاجتماع في جهة وهو بغير تشديد من الضيم معناه لا تظلمون فيه برؤية بعضكم دون بعض وأنكم ترونه في جهاتكم كلها وهو متعال عن الجهة فالتشبيه برؤية القمر ليقين الرؤية دون تشبيه المرئي ﷾، وخص الشمس والقمر بالذكر مع أن رؤية السماء بغير سحاب أكبر آية وأعظم خلقًا من مجرد الشمس والقمر لما خصّا به من عظيم النور والضياء بحيث صار التشبيه بهما فيمن يوصف بالجمال والكمال سائغًا شائعًا في الاستعمال (يجمع الله)﷿(الناس) الأولين والآخرين في صعيد واحد بحيث لا يخفى منهم أحد حتى لو دعاهم داع لسمعوه ولو نظر إليهم ناظر لأدركهم وزاد في رواية العلاء بن عبد الرَّحمن عند الترمذي فيطلع عليهم رب العالمين أن يعلمهم باطلاعه عليهم حينئذٍ (فيقول) جل وعلا (من كان يعبد شيئًا فليتبعه) بسكون اللام وتشديد الفوقية وكسر الموحدة ولأبي ذر فليتبعه بسكون الفوقية وفتح الموحدة (فيتبع) بسكون الفوقية وفتح الموحدة أيضًا (من كان يعبد الشمس) الشمس (ويتبع من كان يعبد القمر) القمر (ويتبع من كان يعبد الطواغيت) الطواغيت جمع طاغوت بالمثناة الفوقية وهو الشيطان والصنم، وصوب الطبري أنه كل طاغ طغى على الله فعبد من دونه ومفعول يتبع محذوف في الثلاثة واتباعهم لمن يعبدونه حينئذٍ باستمرارهم على الاعتقاد فيهم أو بأن يساقوا إلى النار قهرًا (وتبقى هذه الأمة) المحمدية أو أعم (فيها) بغير واو (منافقوها فيأتيهم الله)﷿ إتيانًا لا نكيفه عار عن الحركة والانتقال إذ ذلك من نعوت الحدوث المتعالي عنه ربنا علوًّا كبيرًا وطريقة السلف المشهورة في هذا ونحوه أسلم والله تعالى بحقيقة المراد بذلك أعلم، وقيل معناه هنا أن يشهدهم رؤيته إذ العادة أن كل من غاب عن غيره لا يمكنه رؤيته إلا بالمجيء إليه فعبر عن الرؤية بالإتيان مجازًا أي يتجلى لهم تعالى حتى يروه (في غير