للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

جدّ إسرائيل (عن البراء بن عازب) ثبت ابن عازب عند أبي ذر عن المستملي (قال): (كان رسول الله) وللأصيلي النبي ( نحو) أي جهة (بيت المقدس) بالمدينة (ستة عشر شهرًا أو سبعة عشر شهرًا) من الهجرة وكان ذلك بأمر الله تعالى له قاله الطبري، ويجمع بينه وبين حديث ابن عباس عند أحمد من وجه آخر أنه كان يصلّي بمكة نحو بيت المقدس، والكعبة بين يديه بحمل الأمر في المدينة على الاستمرار باستقبال بيت المقدس، وفي حديث الطبري من طريق ابن جريج قال: أوّل ما صلّى إلى الكعبة ثم صرف إلى بيت المقدس وهو بمكة فصلّى ثلاث حجج، ثم هاجر فصلّى إليه بعد قدومه المدينة ستة عشر شهرًا ثم وجّهه الله تعالى إلى الكعبة. (وكان رسول الله يحب أن يوجه) بضم أوّله وفتح الجيم مبنيًّا للمفعول أي يؤمر بالتوجّه (إلى الكعبة) وفي حديث ابن عباس عند الطبري: وكان يدعو وينظر إلى السماء (فأنزل الله ﷿: ﴿قد نرى تقلّب وجهك في السماء﴾ [البقرة: ١٤٤] تردد وجهك في جهة السماء تطلعًا للوحي، وكان يقع في روعه، ويتوقع من ربه أن يحوّله إلى الكعبة لأنها قبلة أبيه إبراهيم، وذلك

يدل على كمال أدبه حيث انتظر ولم يسأل قاله البيضاوي (فتوجّه) بعد نزول الآية (نحو الكعبة، وقال السفهاء من الناس وهم اليهود: ما ولاهم) أي ما صرفهم ﴿عن قبلتهم التي كانوا عليها﴾ يعني بيت المقدس والقبلة في الأصل الحال التي عليها الإنسان من الاستقبال، فصارت عُرفًا للمكان المتوجّه إليه للصلاة ﴿قل لله الشرق والمغرب﴾ [البقرة: ١٤٢] لا يختصّ به مكان دون مكان بخاصة ذاتية تمنع إقامة غيره مقامه، وإنما العبرة بارتسام أمره لا بخصوص المكان. ﴿يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم﴾ [البقرة: ١٤٢] وهو ما ترتضيه الحكمة وتقتضيه المصلحة من التوجّه إلى بيت المقدس تارة وإلى الكعبة أخرى (فصلّى) الظهر (مع النبي رجل) اسمه عباد بن بشر كما قاله ابن بشكوال، أو هو عباد بن نهيك بفتح النون وكسر الهاء، (ثم خرج) أي الرجل (بعدما صلّى) أي بعد صلاته أو بعد الذي صلّى، وللمستملي والحموي: فصلّى مع النبي رجال بالجمع ثم خرج أي بعض أولئك الرجال بعدما صلّى، (فمرّ على قوم من الأنصار في صلاة العصر نحو) أي جهة (بيت المقدس) وفي رواية الكشميهني في صلاة العصر: يصلّون نحو بيت المقدس (فقال) الرجل: (هو يشهد أنه صلّى مع رسول الله وأنه) (توجّه نحو الكعبة) وللأربعة: وأنه نحو الكعبة (فتحرّف القوم حتى توجهوا نحو الكعبة) وعنى بقوله هو يشهد نفسه على طريق التجريد بأن جرد من نفسه شخصًا، أو على طريق الالتفات، أو نقل الراوي كلامه بالمعنى.

وعند ابن سعد في الطبقات أنه صلّى ركعتين من الظهر في مسجده بالمسلمين، ثم أمر أن يتوجّه إلى المسجد الحرام، فاستدار إليه ودار معه المسلمون، ويقال: إنه زار أُم بشر بن البراء بن معرور في بني سلمة فصنعت له طعامًا وحانت الظهر فصلّى بأصحابه ركعتين، ثم أمر فاستدار إلى الكعبة واستقبل الميزاب فسمي مسجد القبلتين. قال ابن سعد، قال الواقدي: هذا أثبت عندنا، ولا تنافي بين قوله هنا صلاة العصر وبين ثبوت الرواية عن ابن عمر في الصبح بقباء المروي عند الشيخين والنسائي لأن العصر ليوم التوجّه بالمدينة، والصبح لأهل قباء في اليوم الثاني، لأنهم خارجون عن المدينة من سوادها.

واستنبط من حديث الباب قبول خبر الواحد، وجواز النسخ، وأنه لا يثبت في حق المكلّف حتى يبلغه. ورواته ما بين بصري وكوفي، وفيه التحديث والعنعنة، وأخرجه المؤلّف في التفسير أيضًا ومسلم في الصلاة والترمذي والنسائي وابن ماجة.

٤٠٠ - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ. فَإِذَا أَرَادَ الْفَرِيضَةَ نَزَلَ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ".

[الحديث ٤٠٠ - أطرافه في: ١٠٩٤، ١٠٩٩، ٤١٤٠].

وبه قال: (حدّثنا مسلم) وللأصيلي مسلم بن إبراهيم (قال: حدثنا هشام) الدستوائي وللأصيلي هشام بن عبد الله (قال: حدّثنا يحيى بن أبي كثير) بالمثلثة (عن محمد بن عبد

<<  <  ج: ص:  >  >>