للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ذكره ﴿ولا تشتروا بعهد الله ثمنًا قليلاً﴾) عرضًا من الدنيا يسيرًا (﴿إن ما عند الله﴾) من ثواب الآخرة (﴿هو خير لكم إن كنتم تعلمون﴾) [النحل: ٩٥] وقوله تعالى: (﴿وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم﴾) هي البيعة لرسول الله على الإسلام إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله ((ولا تنقضوا الإيمان بعد توكيدها﴾) بعد توثيقها باسم الله (﴿وقد جعلتم الله عليكم كفيلاً﴾) [النحل: ٩١] شاهدًا ورقيبًا، وفي رواية أبي ذر ﴿ولا تشتروا بعهد الله ثمنًا قليلاً﴾ إلى قوله ﴿ولا تنقضوا الإيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلاً﴾ قال في الفتح: وسقط ذلك لجميعهم ووقع فيه تقديم وتأخير والصواب قوله ﴿ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلاً﴾ إلى قوله ﴿ولا تشتروا بعهد الله ثمنًا قليلاً﴾ ووقع في رواية النسفيّ بعد قوله ﷿ ﴿عرضة لأيمانكم﴾ ما نصه وقوله ﴿ولا تشتروا يعده الله ثمنًا قليلاً﴾ الآية وقوله ﴿وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم﴾ الآية.

٦٦٧٦ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِى وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينِ صَبْرٍ يَقْتَطِعُ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَقِىَ اللَّهَ وَهْوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ» فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَصْدِيقَ ذَلِكَ ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً﴾ [آل عمران: ٧٧] إِلَى آخِرِ الآيَةِ.

وبه قال: (حدّثنا موسى بن إسماعيل) أبو سلمة التبوذكي قال: (حدّثنا أبو عوانة) الوضاح اليشكري (عن الأعمش) سليمان الكوفي (عن أبي وائل) شقيق بن سلمة (عن عبد الله بن مسعود ) أنه (قال: قال رسول الله ):

(من حلف على) موجب (يمين صبر) بإضافة يمين لصبر مصححًا عليها في الفرع كأصله لما بينهما من الملابسة والأكثر على تنوين يمين فيكون صبر صفة له مصدر بمعنى المفعول أي مصبورة كما في الرواية الأخرى على يمين مصبورة فيكون على التجوّز بوصف اليمين بذلك لأن اليمين الصبر هي التي يلزم الحاكم الخصم بها والمصبور في الحقيقة الحالف لا اليمين، أو المراد أن الحالف هو الذي صبر نفسه وحبسها على هذا الأمر العظيم الذي لا يصبر أحد عليه فالحالف هو الصابر واليمين مصبورة أي مصبور عليها. وزاد المؤلّف في الأشخاص من رواية أبي معاوية وفي الشرب من رواية أبي حمزة كلاهما عن الأعمش هو فيها فاجر لكن رواية أبي معاوية هو عليها فاجر وكأن فيها حذفًا تقديره هو في الإقدام عليها كاذب حال كونه (يقتطع بها) بسبب اليمين (مال امرئ مسلم) أو ذمي ونحوه وفي صحيح مسلم حق امرئ مسلم بيمينه (لقي الله وهو عليه غضبان) جواب من وغضبان لا ينصرف لزيادة الألف والنون أي فيعامله معاملة المغضوب عليه فيعذبه (أنزل الله) ﷿ (تصديق ذلك) ﴿إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانكم ثمنًا قليلاً﴾ [آل عمران: ٧٧] (إلى آخر الآية) ليس في رواية أبي ذر إلى آخر الآية. وفي مسلم والترمذي: عن أبي وائل عن عبد الله من طريق جامع بن أبي راشد وعبد الملك بن أعين مرفوعًا: "من حلف على مال امرئ مسلم بغير حقه" الحديث. ثم قرأ علينا رسول الله ، وظاهره أن الآية نزلت قبل وسبق في تفسير سورة آل عمران أنها نزلت فيمن أقام سلعته بعد العصر فحلف كاذبًا فيحتمل أنها نزلت في الأمرين معًا.

٦٦٧٧ - فَدَخَلَ الأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ فَقَالَ: مَا حَدَّثَكُمْ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقَالُوا: كَذَا وَكَذَا، قَالَ: فِىَّ أُنْزِلَتْ كَانَتْ لِى بِئْرٌ فِى أَرْضِ ابْنِ عَمٍّ لِى فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ: «بَيِّنَتُكَ أَوْ يَمِينُهُ» قُلْتُ: إِذًا يَحْلِفُ عَلَيْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينِ صَبْرٍ وَهْوَ فِيهَا فَاجِرٌ يَقْتَطِعُ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، لَقِىَ اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَهْوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ».

(فدخل الأشعث بن قيس) المكان الذي كانوا به (فقال: ما حدثكم أبو عبد الرَّحمن) عبد الله بن مسعود (فقالوا) ولأبي ذر قالوا (كذا وكذا. قال) الأشعث (في) بتشديد التحتية

(أنزلت) هذه الآية (كانت) وللحموي والمستملي كان (لي بئر في أرض ابن عم لي) اسمه معدان وقيل جرير بن الأسود الكندي ولقبه الجفشيش بفتح الجيم وسكون الفاء وبالشينين المعجمتين بينهما تحتية ساكنة، وفي رواية أبي معاوية كان بيني وبين رجل من اليهود أرض فجحدني ولا تضاد بين قوله ابن عم لي وقوله من اليهود لأن جماعة من أهل اليمن كانوا تهودوا وقد ذكر أنه أسلم فيقال إنما وصفه الأشعث بذلك باعتبار ما كان عليه أولاً (فأتيت رسول الله ) أي فادعيت عليه (فقال) لي :

(بينتك أو يمينه) بالرفع فيهما إما فاعل بفعل مقدر أي تحضر بينتك تشهد لك أو فحقك يمينه فيمينه خبر مبتدأ محذوف أو لك يمينه فيكون مبتدأ والخبر في الجار والمجرور، ويحتمل أن يكون بينتك خبر مبتدأ محذوف أي الواجب بينتك أو يمينه إن لم يكن لك بيّنة. قال الأشعث: (فقلت: إذًا يحلف عليها)

<<  <  ج: ص:  >  >>