-رحمه الله تعالى- عن البخاري أنه نحا بهذه الترجمة لجهة تعليق الطلاق قبل ملك العصمة أو الحرية قبل ملك الرقبة ونحو ذلك كأن حلف على أن لا يهب أو لا يتصدق أو لا يعتق، وهو في هذه الحالة لا يملك شيئًا من ذلك، ثم حصل له فوهب أو تصدق أو أعتق فعند جماعة الفقهاء تلزمه الكفارة كما في قصة الأشعريين، ولو حلف أن لا يهب أو لا يتصدق ما دام معدمًا وجعل العدم علة لامتناعه من ذلك، ثم حصل له مال بعد ذلك لم تلزمه كفارة إن وهب أو تصدق لأنه إنما أوقع يمينه على حالة العدم لا على حالة الوجود ولو
حلف أن يعتق ما لا يملكه إن ملكه في المستقبل فقال مالك: إن عين أحدًا أو قبيلة أو جنسًا لزمه العتق وإن قال كل مملوك أملكه أبدًا حر لم يلزمه عتق وكذلك في الطلاق إن عين قبيلة أو بلدة أو صفة ما لزمه الحنث وإن لم يعين لم يلزمه. وقال أبو حنيفة وأصحابه: يلزمه الطلاق والعتق عمم أو خصص وقال الشافعي لا يلزمه لا ما خص ولا ما عم.
ويأتي مزيد بحث لهذا الحديث إن شاء الله تعالى في آخر هذا الباب بعون الله تعالى.
٦٦٧٩ - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ح. وَحَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ النُّمَيْرِىُّ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ الأَيْلِىُّ قَالَ: سَمِعْتُ الزُّهْرِىَّ قَالَ: سَمِعْتُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ وَسَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ وَعَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ وَعُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، حِينَ قَالَ لَهَا أَهْلُ الإِفْكِ مَا قَالُوا فَبَرَّأَهَا اللَّهُ مِمَّا قَالُوا كُلٌّ حَدَّثَنِى طَائِفَةً مِنَ الْحَدِيثِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ} [النور: ١١] الْعَشْرَ الآيَاتِ كُلَّهَا فِى بَرَاءَتِى فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ: وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ وَاللَّهِ لَا أُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ شَيْئًا أَبَدًا بَعْدَ الَّذِى قَالَ لِعَائِشَةَ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِى الْقُرْبَى} [النور: ٢٢] الآيَةَ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: بَلَى وَاللَّهِ إِنِّى لأُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِى فَرَجَعَ إِلَى مِسْطَحٍ النَّفَقَةَ الَّتِى كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ، وَقَالَ وَاللَّهِ لَا أَنْزِعُهَا عَنْهُ أَبَدًا.
وبه قال: (حدّثنا عبد العزيز) بن عبد الله الأويسي قال: (حدّثنا إبراهيم) بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرَّحمن بن عوف (عن صالح) أي ابن كيسان (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري (ح) لتحويل السند قال البخاري بالسند السابق أول هذا المجموع إليه.
(وحدّثنا الحجاج) بن منهال قال: (حدّثنا عبد الله بن عمر النميري) بضم النون وفتح الميم قال: (حدّثنا يونس بن يزيد الأيلي) بفتح الهمزة وسكون التحتية وكسر اللام نسبة إلى مدينة إيلة على ساحل بحر القلزم (قال: سمعت الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب (قال: سمعت عروة بن الزبير) بن العوّام (وسعيد بن المسيب) المخزومي (وعلقمة بن وقاص) الليث (وعبيد الله) بضم العين (ابن عبد الله بن عتبة) بضم العين وسكون الفوقية ابن مسعود الفقيه الأعمى (عن حديث عائشة) -رضي الله عنها- (زوج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حين قال لها أهل الإفك ما قالوا فبرأها الله) عز وجل (مما قالوا) بما أنزله في التنزيل (كل) من الأربعة (حدثني) بالإفراد (طائفة من الحديث) قطعة منه (فأنزل الله) عز وجل ({إن الذين جاؤوا بالإفك}) [النور: ١١] والإفك أبلغ ما يكون من الكذب والافتراء والمراد ما أفك به على عائشة -رضي الله عنها-، والعصبة الجماعة من العشرة إلى الأربعين واعصوصبوا اجتمعوا وقوله منكم أي من المسلمين (العشر الآيات كلها في براءتي. فقال أبو بكر الصديق) -رضي الله عنه- (وكان ينفق على مسطح لقرابته منه) وكان ابن خالته (والله لا أنفق على مسطح شيئًا أبدًا) سقط أبدًا لغير أبي ذر (بعد الذي قال لعائشة) عن عائشة من الإفك (فأنزل
الله) عز وجل ({ولا يأتل}) ولا يحلف من ائتلى إذا حلف افتعال من الألية ({وأولو الفضل منكم}) في الدين ({والسعة}) في الدنيا ({أن يؤتوا}) أي لا يؤتوا ({أولي القربى}) [النور: ٢٢] (الآية) كذا رأيته في الفرع وفي القربى وفي هامشه ما نصه في اليونينية مكتوب القربة وليس عليها تمريض ولا ضبة ومضبوطة بفتح التاء المنقلبة عن الهاء فالله أعلم أنه سهو فليحرّر اهـ. قلت وكذا رأيته في اليونينية وهذا مخالف للتلاوة وفي كثير من الأصول القربى كالتنزيل وهو الصواب (قال أبو بكر) -رضي الله عنه-: (بل والله إني لأحب أن يغفر الله لي فرجع إلى مسطح النفقة التي كان ينفقـ) ـها (عليه وقال: والله لا أنزعها عنه أبدًا).
وهذا موضع الترجمة لأن الصديق -رضي الله عنه- كان حالفًا على ترك طاعة فنهي عن الاستمرار على ما حلف عليه فيكون النهي عن الحلف على فعل المعصية أولى، والظاهر من حاله عند الحلف أن يكون قد غضب على مسطح من أجل خوضه في الإفك.
٦٦٨٠ - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ زَهْدَمٍ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِىِّ قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِى نَفَرٍ مِنَ الأَشْعَرِيِّينَ فَوَافَقْتُهُ وَهْوَ غَضْبَانُ فَاسْتَحْمَلْنَاهُ فَحَلَفَ أَنْ لَا يَحْمِلَنَا ثُمَّ قَالَ: «وَاللَّهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ، فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا إِلَاّ أَتَيْتُ الَّذِى هُوَ خَيْرٌ وَتَحَلَّلْتُهَا».
وبه قال: (حدّثنا أبو معمر) بفتح الميمين وسكون العين بينهما عبد الله بن عمرو المقعد التميمي المنقري مولاهم البصري قال: (حدّثنا عبد الوارث) بن سعيد التنوري قال: (حدّثنا أيوب) السختياني (عن القاسم) بن عاصم