ولا يحنث بقراءة القرآن. وقال القفال في شرح التلخيص: لو قرأ التوراة الموجودة اليوم لم يحنث لأنا نشك في أن الذي قرأه مبدل أم لا. اهـ.
وعن الحنفية يحنث، وقال ابن المنير: معنى قول البخاري فهو على نيته أي العرفية. قال: ويحتمل أن يكون مراده أنه لا يحنث بذلك إلا إن نوى إدخاله في نيته فيؤخذ منه حكم الإطلاق قال: ومن فروع المسألة لو حلف لا كلمت زيدًا ولا سلمت عليه فصلّى خلفه فسلم الإمام فسلم المأموم التسليمة التي يخرج بها من الصلاة فلا يحنث بها جزمًا بخلاف التسليمة التي يرد بها على الإمام فلا يحنث أيضًا لأنها ليست مما ينويه الناس عرفًا وفيه الخلاف اهـ.
وقال النووي: ولو صلّى الحالف خلف المحلوف عليه فسبح لسهوه أو فتح عليه القراءة لم يحنث ولو قرأ آية فهم المحلوف عليه سنها مقصوده فإن قصد القراءة لم يحنث وإلاّ فيحنث.
(وقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فضل الكلام أربع سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر) أخرجه النسائي موصولاً من حديث أبي هريرة وغرض البخاري من سياق هذا التعليق بيان أن الأذكار ونحوها كلام فيحنث بها.
(وقال أبو سفيان) صخر بن حرب مما سبق موصولاً في حديث هرقل في أوائل الصحيح (كتب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى هرقل: تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم) لفظ كلمة من باب إطلاق البعض على الكل. (وقال مجاهد) فيما وصله عبد بن حميد من طريق منصور بن المعتمر عنه موقوفًا (كلمة التقوى لا إله إلا الله) فسماها كلمة مع اشتمالها على كلمات.
٦٦٨١ - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ: أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الْوَفَاةُ جَاءَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: «قُلْ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ كَلِمَةً أُحَاجُّ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ».
وبه قال: (حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: (أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة (عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب أنه (قال: أخبرني) بالإفراد (سعيد بن المسيب عن أبيه) المسيب بن حزن بفتح الحاء المهملة وسكون الزاي المخزومي أنه (قال: لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءه رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال) له:
(قل لا إله إلا الله كلمة) بالنصب من موضع لا إله إلا الله ويجوز الرفع بتقدير هو (أحاج) بضم الهمزة وفتح الحاء المهملة وبعد الألف جيم مشددة أصله أحاجج أي أظهر (لك بها) الحجة (عند الله) يوم القيامة فيه أيضًا إطلاق الكلمة على الكلام.
والحديث سبق في قصة أبي طالب في آخر فضائل الصحابة.
٦٦٨٢ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ الْقَعْقَاعِ، عَنْ أَبِى زُرْعَةَ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ ثَقِيلَتَانِ فِى الْمِيزَانِ، حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ. سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ».
وبه قال: (حدّثنا قتيبة بن سعيد) الثقفي البغلاني قال: (حدّثنا محمد بن فضيل) بضم الفاء وفتح الضاد المعجمة ابن غزوان بفتح المعجمة وسكون الزاي الضبي مولاهم أبو عبد الرَّحمن الكوفي قال: (حدّثنا عمارة بن القعقاع) بضم العين المهملة وتخفيف الميم والقعقاع بقافين مفتوحتين وعينين مهملتين أولاهما ساكنة ابن شبرمة بضم الشين المعجمة والراء بينهما موحدة ساكنة الضبي بالمعجمة والموحدة المشددة الكوفي (عن أبي زرعة) هرم البجلي (عن أبي هريرة -رضي الله عنه-) أنه (قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):
(كلمتان خفيفتان على اللسان) للين حروفهما (ثقيلتان في الميزان) حقيقة إذ الأعمال عند أهل السنة تجسم حينئذٍ وفيه تحريض وتعريض بأن سائر التكاليف صعبة شاقة على النفس ثقيلة وهذه خفيفة سهلة عليها مع أنها تثقل في الميزان ثقل غيرها من التكاليف فلا تتركوها (حبيبتان إلى الرَّحمن) محبوبتان أي يحب قائلهما فيجزل له من الثواب ما يليق بكرمه (سبحان الله وبحمده) أي أنزه الله تعالى تنزيهًا عما لا يليق به سبحانه وتعالى متلبسًا بحمدي له من أجل توفيقه لي للسبيح (سبحان الله العظيم) ذكر أوّلاً لفظ الجلالة الذي هو اسم للذات المقدسة الجامعة لجميع الصفات العليا والأسماء الحسنى، ثم وصفه بالعظيم الذي هو شامل لسلب ما لا يليق به وإثبات ما يليق به إذ العظمة المطلفة الكاملة مستلزمة لعدم الشريك والتجسم ونحوه وللعلم بكل المعلومات والقدرة على كل المقدورات إلى غير ذلك، وإلاّ لم يكن عظيمًا مطلقًا وكرر التسبيح للإشعار بتنزيهه على الإطلاق وتأتي بقية مباحث ذلك إن شاء الله تعالى