(حدّثنا وهيب بن خالد) بضم الواو ابن عجلان الباهلي مولاهم أبو بكر البصري (عن أيوب) السختياني (عن عبد الله بن أبي مليكة) بضم الميم وفتح اللام وهو جده (عن عقبة بن الحارث) -رضي الله عنه- (أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أتي بنعيمان) بضم النون (أو بابن نعيمان) بضم النون أيضًا بالشك هل الذي أتي به نعيمان أو ابنه ولأبي ذر عن الحموي والمستملي بالنعيمان أو بابن النعيمان بزيادة ألف ولام فيهما (وهو سكران) بعدم الصرف (فشق) ذلك (عليه) زاده الله شرفًا لديه وعند النسائي فشق على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مشقة شديدة (وأمر من في البيت أن يضربوه) الحد (فضربوه بالجريد والنعال) قال عقبة (وكنت) بالواو ولأبي ذر فكنت (فيمن ضربه) وفيه أن الحد يحصل بالضرب بالجريد والنعال وكذا بالعصا المعتدلة وأطراف الثياب بعد فتلها حتى تشتد إذ القصد الإيلام وكذا بالسوط وتمسك به من قال: يجوز إقامة الحد على السكران في حال سكره، والجمهور على خلافه، وأولوا الحديث بأن المراد ذكر سبب الضرب لا أن ذلك الوصف استمر به في حال ضربه لأن المقصود بالضرب في الحد الإيلام ليحصل الردع به.
وسبق في الباب الذي قبل هذا أن في كتاب الوكالة أن في رواية للإسماعيلي جئت بالنعيمان من غير شك، وكذا عند الزبير بن بكار وابن منده بغير شك أيضًا وهو النعيمان بن عمرو بن رفاعة بن الحارث بن سواد بن مالك بن غنم بن مالك بن النجار الأنصاري شهد العقبة وبدرًا والمشاهد كلها، وكان كثير المزاح يضحك النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من مزاحه وهو صاحب سويبط بن حرملة فقال يومًا له: لأغيظنك فجاء إلى أناس جلبوا ظهرًا فقال: ابتاعوا منا غلامًا عربيًّا فارهًا وهو ذو لسان، ولعله يقول: أنا حرّ فإن كنتم تاركيه لذلك فدعوه لا تفسدوا عليّ غلامي فقالوا بل نبتاعه منك بعشر قلائص فأقبل بها يسوقها وأقبل بالقوم حتى عقلوه ثم قال: دونكم هذا هو فجاء القوم فقالوا قد اشتريناك فقال سويبط: هو كاذب أنا رجل حرّ فقالوا قد أخبرنا خبرك فطرحوا الحبل في رقبته وذهبوا به وجاء أبو بكر فأخبر به فذهب هو وأصحاب له فردوا القلائص وأخذوه، فلما عادوا إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأخبروه الخبر ضحك النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأصحابه حولاً.
وروي أنه جاء أعرابي إلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فدخل المسجد وأناخ ناقته بفنائه فقال بعض أصحاب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لنعيمان لو نحرتها فأكلناها فإنا قد قرمنا إلى اللحم ويغرم رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثمنها قال: فنحرها نعيمان ثم خرج الأعرابي فصاح به واعقرياه يا محمد، فخرج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال "من فعل هذا": قالوا نعيمان فأتبعه يسأل عنه فوجدوه في دار ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب مستخفيًا فأشار إليه رجل ورفع صوته يقول: ما رأيته يا رسول الله وأشار بإصبعه حيث هو فأخرجه رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال له:"ما حملك على هذا"؟ قال: الذين دلوك عليّ يا رسول الله هم الدين أمروا فجعل رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يمسح وجهه ويضحك وغرم ثمنها وكان يشرب الخمر فلما كثر ذلك منه قال له رجل من أصحاب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لعنك الله فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لا تفعل فإنه يحب الله ورسوله".
وبه قال:(حدّثنا مسلم) هو ابن إبراهيم الفراهيدي البصري قال: (حدّثنا هشام) الدستوائي قال: (حدّثنا قتادة) بن دعامة السدوسي (عن أنس) -رضي الله عنه- أنه (قال: جلد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في الخمر بالجريد والنعال وجلد أبو بكر) -رضي الله عنه- (أربعين) ولا منافاة بين قوله ضرب وجلد لأن المراد من قوله جلد ضرب فأصاب جلده وليس المراد ضربه بالجلد.
وبه قال:(حدّثنا قتيبة) بن سعيد قال: (حدّثنا أبو ضمرة أنس) أي ابن عياض (عن يزيد بن الهاد) هو يزيد من الزيادة ابن عبد الله بن أسامة بن عبد الله بن شداد بن الهاد نسبه إلى جده الأعلى (عن محمد بن إبراهيم) بن الحارث بن خالد التيمي (عن أبي سلمة)