ويؤيده قول ابن عباس الآتي في هذا الباب إن شاء الله تعالى (ولا يسرق) السارق (حين يسرق وهو مؤمن ولا يشرب) الشارب (حين يشرب) المسكر (وهو مؤمن ولا يقتل) القاتل مؤمنًا بغير حق (وهو مؤمن).
(قال عكرمة) بالسند السابق: (قلت لابن عباس) -رضي الله عنهما-: (كيف ينزع) بضم التحتية وفتح الزاي (منه الإيمان)؟ عند ارتكابه الزنا والسرقة وشرب الخمر وقتل النفس (قال: هكذا وشبك بين أصابعه ثم أخرجها) وفي حديث أبي داود والحاكم بسند صحيح من طريق سعيد المقبري أنه سمع أبا هريرة رفعه: إذا زنى الرجل خرج منه الإيمان فكان عليه كالظلة فإذا أقلع رجع إليه الإيمان. وعند الحاكم من طريق ابن حجيرة أنه سمع أبا هريرة رفعه: من زنى أو شرب
الخمر نزع الله منه الإيمان كما يخلع الإنسان قميصه عن رأسه (فإن تاب) المرتكب من ذلك (عاد إليه) الإيمان (هكذا وشبك بين أصابعه).
وأخرج الطبري من طريق نافع بن جبير بن مطعم عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن فإذا زايل رجع إليه الإيمان ليس إذا تاب منه ولكن إذا تأخر عن العمل به، ويؤيده أن المصرّ وإن كان إثمه مستمرًا لكن ليس إثمه كمن باشر العمل كالسرقة مثلاً. وقال الطيبي: يحتمل أن يكون الذي نقص من الإيمان المذكور الحياء وهو المعبر عنه في الحديث الآخر بالنور، وقد سبق حديث الحياء من الإيمان فيكون التقدير: لا يزني حين يزني الخ .. وهو يستحيي من الله لأنه لو استحيا منه وهو يعرف أنه شاهد حاله لم يرتكب ذلك وإلى ذلك تصح إشارة ابن عباس بتشبيك أصابعه ثم إخراجها منها ثم إعادتها إليها.
٦٨١٠ - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ ذَكْوَانَ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لَا يَزْنِى الزَّانِى حِينَ يَزْنِى وَهْوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهْوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَشْرَبُ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهْوَ مُؤْمِنٌ، وَالتَّوْبَةُ مَعْرُوضَةٌ بَعْدُ».
وبه قال: (حدّثنا آدم) بن أبي إياس قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن الأعمش) سليمان بن مهران الكوفي (عن ذكوان) بالذال المعجمة أبي صالح السمان (عن أبي هريرة) -رضي الله عنه- (قال: قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):
(لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن) كامل أو محمول على المستحل مع العلم بالتحريم أو هو خبر بمعنى النهي أو أنه شابه الكافر في عمله وموقع التشبيه أنه مثله في جواز قتاله في تلك الحالة ليكف عن المعصية ولو أدى إلى قتله (ولا يسرق) السارق (حين يسرق وهو مؤمن ولا يشرب) أي الخمر (حين يشربها وهو مؤمن والتوبة معروضة) على فاعلها (بعد) أي بعد ذلك. وقد تضمن الحديث التحري من ثلاثة أمور هي أعظم أصول المفاسد وأضدادها من أصول المصالح وهي استباحة الفروج المحرمة، وما يؤدي إلى اختلال العقل، وخص الخمر بالذكر في الرواية الأخرى لكونها أغلب الوجوه في ذلك، والسرقة لكونها أعلى الوجوه التي يؤخذ بها مال الغير بغير حق.
٦٨١١ - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنِى مَنْصُورٌ وَسُلَيْمَانُ عَنْ أَبِى وَائِلٍ، عَنْ أَبِى مَيْسَرَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَىُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ؟ قَالَ: «أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهْوَ خَلَقَكَ، قُلْتُ: ثُمَّ أَىٌّ؟ قَالَ: «أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ مِنْ أَجْلِ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ» قُلْتُ: ثُمَّ أَىٌّ؟ قَالَ: «أَنْ تُزَانِىَ حَلِيلَةَ جَارِكَ». قَالَ يَحْيَى: وَحَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنِى وَاصِلٌ، عَنْ أَبِى وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مِثْلَهُ، قَالَ عَمْرٌو: فَذَكَرْتُهُ
لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَكَانَ حَدَّثَنَا عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الأَعْمَشِ وَمَنْصُورٍ وَوَاصِلٍ، عَنْ أَبِى وَائِلٍ، عَنْ أَبِى مَيْسَرَةَ قَالَ: دَعْهُ دَعْهُ.
وبه قال: (حدّثنا عمرو بن علي) بفتح العين وسكون الميم الفلاس قال: (حدّثنا يحيى) بن سعيد القطان قال: (حدّثنا سفيان) الثوري قال: (حدثني) بالإفراد (منصور) هو ابن المعتمر (وسليمان) بن مهران الأعمش كلاهما (عن أن وائل) شقيق بن سلمة (عن أن ميسرة) عمرو بن شرحبيل (عن عبد الله) بن مسعود (-رضي الله عنه-) أنه (قال: قلت يا رسول الله أي الذنب أعظم)؟ عند الله، وعن أحمد أي الذنب أكبر؟ (قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
(أن تجعل لله ندًّا) بكسر النون وتشديد الدال المهملة مثلاً وشريكًا (وهو خلقك) الواو للحال. قال المظهري: أكبر الذنوب أن تدعو لله شريكًا مع علمك بأنه لم يخلقك أحد غير الله (قلت): يا رسول الله (ثم أي)؟ بالتنوين عوضًا عن المضاف إليه وأصله: ثم أي شيء من الذنوب أكبر بعد الكفر؟ (قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أن تقتل ولدك من أجل أن يطعم معك) بفتح التحتية والعين ولغير الكشميهني أن تقتل ولدك أجل بإسقاط حرف الجر ونصب أجل على نزع الخافض ولا خلاف أن أكبر الذنوب بعد الكفر قتل النفس المسلمة بغير حق لا سيما قتل الولد خصوصًا قتله خوف الإطعام فإنه ذنب آخر أيضًا لأنه بفعله لا يرى الرزق في الله تعالى (قلت: ثم أي)؟ أعظم عند الله (قال: أن تزاني حليلة جارك) بضم الفوقية