الكبائر في عظمها إلى كبير وأكبر ويؤخذ منه ثبوت الصغائر لأن الكبيرة بالنسبة إليها أكبر منها، ولا يلزم من كون هذه المذكورات أكبر الكبائر استواء رتبتها في نفسها فالإشراك أكبر الذنوب ولا يقال كيف عدّ الكبائر أربعًا أو خمسًا وهي أكثر لأنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لم يتعرض للحصر بل ذكر -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في كل مجلس ما أوحي إليه أو سنح له باقتضاء حال السائل وتفاوت الأوقات.
والحديث سبق في الشهادات والأدب وأخرجه مسلم في الأيمان والترمذي في البيوع والتفسير والنسائي في القضاء والتفسير والقصاص.
٦٨٧٢ - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ، حَدَّثَنَا أَبُو ظَبْيَانَ قَالَ: سَمِعْتُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ - رضى الله عنهما - يُحَدِّثُ قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الْحُرَقَةِ مِنْ جُهَيْنَةَ قَالَ: فَصَبَّحْنَا الْقَوْمَ فَهَزَمْنَاهُمْ قَالَ: وَلَحِقْتُ أَنَا وَرَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ رَجُلاً مِنْهُمْ، قَالَ:
فَلَمَّا غَشِينَاهُ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ قَالَ: فَكَفَّ عَنْهُ الأَنْصَارِىُّ فَطَعَنْتُهُ بِرُمْحِى حَتَّى قَتَلْتُهُ، قَالَ: فَلَمَّا قَدِمْنَا بَلَغَ ذَلِكَ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: فَقَالَ لِى: «يَا أُسَامَةُ أَقَتَلْتَهُ بَعْدَ مَا قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ؟» قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا كَانَ مُتَعَوِّذًا، قَالَ: «أَقَتَلْتَهُ بَعْدَ أَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ» قَالَ: فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا عَلَىَّ حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّى لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْتُ قَبْلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ.
وبه قال: (حدّثنا عمرو بن زرارة) بفتح العين وسكون الميم وزرارة بضم الزاي وفتح الراءين بينهما ألف مخففًا ابن واقد الكلابي النيسابوري قال: (حدّثنا) ولأبي ذر والأصيلي أخبرنا (هشيم) بضم الهاء وفتح الشين المعجمة ابن بشير بضم الموحدة وفتح المعجمة الواسطي قال: (حدّثنا) ولأبي ذر والأصيلي أخبرنا (حصين) بضم الحاء وفتح الصاد المهملتين ابن عبد الرحمن الواسطي التابعي الصغير قال: (حدّثنا أبو ظبيان) بفتح الظاء المعجمة وسكون الموحدة وتخفيف التحتية حصين أيضًا ابن جندب المذحجي بضم الميم وسكون الذال المعجمة وكسر الحاء المهملة بعدها جيم التابعي الكلبير (قال: سمعت أسامة بن زيد بن حارثة) بالمثلثة مولى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (رضي الله عنهما يحدث قال: بعثنا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى الحرقة) بضم الحاء المهملة وفتح الراء والقاف قبيلة (من جهينة) في رمضان سنة سبع أو ثمان (قال: فصبحنا القوم) أتيناهم صباحًا بغتة قبل أن يشعروا بنا فقاتلناهم (فهزمناهم قال) أسامة: (ولحقت أنا ورجل من الأنصار) قال الحافظ ابن حجر لم أقف على اسمه (رجلاً منهم) اسمه مرداس بن عمرو الفدكي أو مرداس بن نهيك الفزاري (قال) أسامة: (فلما غشيناه) بفتح الغين وكسر الشين المعجمتين لحقناه (قال: لا إله إلا الله قال) أسامة (فكف عنه الأنصاري فطعنته) ولأبى ذر والأصيلي وابن عساكر وطعنته بالواو بدل الفاء (برمحي حتى قتلته قال: فلما قدمنا) المدينة (بلغ ذلك) أي قتلي له بعد قوله لا إله إلا الله (النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) أسامة (فقال لي) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
(يا أسامة أقتلته بعدما) ولأبي ذر عن الكشميهني بعد أن (قال لا إله إلا الله قال) أسامة (قلت: يا رسول الله وإنما كان متعوّذًا) بكسر الواو المشددة بعدها معجمة أي لم يكن قاصدًا للإيمان بل كان غرضه التعوّذ من القتل (قال: أقتلته بعد أن) ولأبي ذر والأصيلي وابن عساكر بعدما (قال لا إله إلا الله). وفي مسلم من حديث جندب بن عبد الله أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال له: كيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة (قال) أسامة (فما زال) (يكرّرها) أي يكرّر مقالته أقتلته بعد أن قال لا إله إلا الله (علي) بتشديد الياء (حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم) لآمن من جريرة هذه الفعلة ولم يتمن أن لا يكون مسلمًا قبل ذلك، وإنما تمنى أن يكون إسلامه ذلك اليوم لأن الإسلام يجبّ ما قبله.
٦٨٧٣ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ، عَنْ أَبِى الْخَيْرِ، عَنِ الصُّنَابِحِىِّ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ - رضى الله عنه - قَالَ: إِنِّى مِنَ النُّقَبَاءِ الَّذِينَ بَايَعُوا
رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، بَايَعْنَاهُ عَلَى أَنْ لَا نُشْرِكَ بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلَا نَزْنِىَ، وَلَا نَسْرِقَ، وَلَا نَقْتُلَ النَّفْسَ الَّتِى حَرَّمَ اللَّهُ، وَلَا نَنْتَهِبَ وَلَا نَعْصِىَ بِالْجَنَّةِ إِنْ فَعَلْنَا ذَلِكَ فَإِنْ غَشِينَا مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا كَانَ قَضَاءُ ذَلِكَ إِلَى اللَّهِ.
وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: (حدّثنا) ولأبي ذر حدّثني بالإفراد (الليث) بن سعد الإمام قال: (حدّثنا) بالجمع ولأبي ذر حدّثني (يزيد) بن أبي حبيب المصري (عن أبي الخير) مرثد بن عبد الله (عن الصنابحي) بضم الصاد المهملة بعدها نون فألف فموحدة فحاء مهملة مكسورتين عبد الرحمن بن عسيلة بمهملتين مصغرًا (عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه) أنه (قال: إني من النقباء الذين بايعوا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) ليلة العقبة بمنى وكانوا اثني عشر نقيبًا (بايعناه على) التوحيد (أن لا نشرك بالله شيئًا ولا نزني ولا نسرق) أي شيئًا ففيه حذف المفعول ليدل على العموم (ولا نقتل النفس التي حرم الله) إلا بالحق (ولا ننتهب) بفوقية قبل الهاء المكسورة من الانتهاب، ولأبي ذر عن الكشميهني: ولا ننهب بإسقاط الفوقية وفتح الهاء من النهب كذا في الفرع، والذي في اليونينية ولا نبهت بنون مفتوحة