للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تَقْطَعُهُ وَلَمْ يَرَوْهُ؟ قَالَ: "لَا" قُلْتُ: فَوَاللَّهِ مَا قَتَلَ رَسُولُ اللَّهِ أَحَدًا قَطُّ، إِلاَّ فِى إِحْدَى ثَلَاثِ خِصَالٍ: رَجُلٌ قَتَلَ بِجَرِيرَةِ نَفْسِهِ فَقُتِلَ، أَوْ رَجُلٌ زَنَى بَعْدَ إِحْصَانٍ، أَوْ رَجُلٌ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَارْتَدَّ عَنِ الإِسْلَامِ. فَقَالَ الْقَوْمُ: أَوَ لَيْسَ قَدْ حَدَّثَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَطَعَ فِى السَّرَقِ، وَسَمَرَ الأَعْيُنَ ثُمَّ نَبَذَهُمْ فِى الشَّمْسِ؟ فَقُلْتُ: أَنَا أُحَدِّثُكُمْ حَدِيثَ أَنَسٍ، حَدَّثَنِى أَنَسٌ أَنَّ نَفَرًا مِنْ عُكْلٍ ثَمَانِيَةً قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ فَبَايَعُوهُ عَلَى الإِسْلَامِ فَاسْتَوْخَمُوا الأَرْضَ فَسَقِمَتْ أَجْسَامُهُمْ، فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ قَالَ: «أَفَلَا تَخْرُجُونَ مَعَ رَاعِينَا فِى إِبِلِهِ فَتُصِيبُونَ مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا». قَالُوا: بَلَى، فَخَرَجُوا فَشَرِبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا فَصَحُّوا فَقَتَلُوا رَاعِىَ رَسُولِ اللَّهِ وَأَطْرَدُوا النَّعَمَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ فَأَرْسَلَ فِى آثَارِهِمْ فَأُدْرِكُوا فَجِئَ بِهِمْ فَأَمَرَ بِهِمْ فَقُطِّعَتْ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ وَسَمَرَ أَعْيُنَهُمْ ثُمَّ نَبَذَهُمْ فِى الشَّمْسِ، حَتَّى مَاتُوا قُلْتُ: وَأَىُّ شَىْءٍ أَشَدُّ مِمَّا صَنَعَ هَؤُلَاءِ؟ ارْتَدُّوا عَنِ الإِسْلَامِ، وَقَتَلُوا وَسَرَقُوا فَقَالَ عَنْبَسَةُ بْنُ سَعِيدٍ: وَاللَّهِ إِنْ سَمِعْتُ كَالْيَوْمِ قَطُّ

فَقُلْتُ: أَتَرُدُّ عَلَىَّ حَدِيثِى يَا عَنْبَسَةُ قَالَ: لَا، وَلَكِنْ جِئْتَ بِالْحَدِيثِ عَلَى وَجْهِهِ وَاللَّهِ لَا يَزَالُ هَذَا الْجُنْدُ بِخَيْرٍ مَا عَاشَ هَذَا الشَّيْخُ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ قُلْتُ: وَقَدْ كَانَ فِى هَذَا سُنَّةٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ دَخَلَ عَلَيْهِ نَفَرٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَتَحَدَّثُوا عِنْدَهُ، فَخَرَجَ رَجُلٌ مِنْهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ فَقُتِلَ فَخَرَجُوا بَعْدَهُ فَإِذَا هُمْ بِصَاحِبِهِمْ يَتَشَحَّطُ فِى الدَّمِ، فَرَجَعُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ صَاحِبُنَا كَانَ تَحَدَّثَ مَعَنَا فَخَرَجَ بَيْنَ أَيْدِينَا فَإِذَا نَحْنُ بِهِ يَتَشَحَّطُ فِى الدَّمِ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ: «بِمَنْ تَظُنُّونَ أَوْ تَرَوْنَ قَتَلَهُ؟» قَالُوا: نَرَى أَنَّ الْيَهُودَ قَتَلَتْهُ، فَأَرْسَلَ إِلَى الْيَهُودِ فَدَعَاهُمْ فَقَالَ: «اْنْتُمْ قَتَلْتُمْ هَذَا؟» قَالُوا: لَا. قَالَ: «أَتَرْضَوْنَ نَفَلَ خَمْسِينَ مِنَ الْيَهُودِ مَا قَتَلُوهُ؟» فَقَالُوا: مَا يُبَالُونَ أَنْ يَقْتُلُونَا أَجْمَعِينَ ثُمَّ يَنْتَفِلُونَ، قَالَ: «أَفَتَسْتَحِقُّونَ الدِّيَةَ بِأَيْمَانِ خَمْسِينَ مِنْكُمْ؟» قَالُوا: مَا كُنَّا لِنَحْلِفَ فَوَدَاهُ مِنْ عِنْدِهِ قُلْتُ: وَقَدْ كَانَتْ هُذَيْلٌ خَلَعُوا خَلِيعًا لَهُمْ فِى الْجَاهِلِيَّةِ، فَطَرَقَ أَهْلَ بَيْتٍ مِنَ الْيَمَنِ بِالْبَطْحَاءِ فَانْتَبَهَ لَهُ رَجُلٌ مِنْهُمْ، فَحَذَفَهُ بِالسَّيْفِ فَقَتَلَهُ فَجَاءَتْ هُذَيْلٌ فَأَخَذُوا الْيَمَانِىَ فَرَفَعُوهُ إِلَى عُمَرَ بِالْمَوْسِمِ، وَقَالُوا: قَتَلَ صَاحِبَنَا فَقَالَ: إِنَّهُمْ قَدْ خَلَعُوهُ، فَقَالَ يُقْسِمُ خَمْسُونَ مِنْ هُذَيْلٍ مَا خَلَعُوهُ، قَالَ: فَأَقْسَمَ مِنْهُمْ تِسْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ رَجُلاً، وَقَدِمَ رَجُلٌ مِنْهُمْ مِنَ الشَّأْمِ، فَسَأَلُوهُ أَنْ يُقْسِمَ فَافْتَدَى يَمِينَهُ مِنْهُمْ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَأَدْخَلُوا مَكَانَهُ رَجُلاً آخَرَ، فَدَفَعَهُ إِلَى أَخِى الْمَقْتُولِ، فَقُرِنَتْ يَدُهُ بِيَدِهِ، قَالُوا: فَانْطَلَقَا وَالْخَمْسُونَ الَّذِينَ أَقْسَمُوا حَتَّى إِذَا كَانُوا بِنَخْلَةَ أَخَذَتْهُمُ السَّمَاءُ، فَدَخَلُوا فِى غَارٍ فِى الْجَبَلِ فَانْهَجَمَ الْغَارُ عَلَى الْخَمْسِينَ الَّذِينَ أَقْسَمُوا، فَمَاتُوا جَمِيعًا وَأَفْلَتَ الْقَرِينَانِ وَاتَّبَعَهُمَا حَجَرٌ، فَكَسَرَ رِجْلَ أَخِى الْمَقْتُولِ، فَعَاشَ حَوْلاً ثُمَّ مَاتَ، قُلْتُ: وَقَدْ كَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ أَقَادَ رَجُلاً بِالْقَسَامَةِ، ثُمَّ نَدِمَ بَعْدَ مَا صَنَعَ، فَأَمَرَ بِالْخَمْسِينَ الَّذِينَ أَقْسَمُوا، فَمُحُوا مِنَ الدِّيوَانِ وَسَيَّرَهُمْ إِلَى الشَّأْمِ.

وبه قال: (حدّثنا قتيبة بن سعيد) أبو رجاء البلخي قال: (حدّثنا أبو بشر) بكسر الموحدة وسكون المعجمة (إسماعيل بن إبراهيم) المشهور بابن علية اسم أمه (الأسدي) بفتح السين المهملة نسبة إلى بني أسد بن خزيمة قال: (حدّثنا الحجاج بن أبي عثمان) ميسرة أو سالم البصري المعروف بالصواف قال: (حدّثني) بالإفراد (أبو رجاء) سلمان (من) موالي (آل أبي قلابة) بكسر القاف وتخفيف اللام عبد الله بن زيد الجرمي بفتح الجيم وسكون الراء قال: (حدّثني) بالإفراد (أبو قلابة) عبد الله (أن عمر بن عبد العزيز) في زمن خلافته (أبرز) أظهر (سريره) الذي جرت عادة الخلفاء بالاختصاص بالجلوس عليه إلى ظاهر داره (يومًا للناس ثم أذن لهم) في الدخول عليه ظاهر داره (فدخلوا) عليه (فقال) لهم (ما تقولون في القسامة؟ قال) قائل منهم كذا في الفرع كأصله وفي غيرهما قالوا (نقول القسامة القود بها حق) أي واجب (وقد أفادت بها الخلفاء) كمعاوية بن أبي سفيان وعبد الله بن الزبير وعبد الملك بن مروان قال أبو قلابة (قال لي ما تقول يا أبا قلابة)؟ فيها (ونصبني للناس) أي أبرزني لمناظرتهم أو لكونه كان خلف السرير فأمره

أن يظهر (فقلت: يا أمير المؤمنين عندك رؤوس الأجناد) بفتح الهمزة وسكون الجيم بعدها نون، ولابن ماجة وصححه ابن خزيمة في غسل الأعقاب. قال أبو صالح فقلت لأبي عبد الله: من حدثك؟ قال: أمراء الأجناد خالد بن الوليد ويزيد بن أبي سفيان وشرحبيل ابن حسنة وعمرو بن العاص، والجند في الأصل الأنصار والأعوان ثم اشتهر في المقاتلة، وكان عمر قسم الشام بعد موت أبي عبيدة ومعاذ على أربعة أمراء مع كل أمير جند (وأشراف العرب) أي رؤساؤهم (أرأيت) أي أخبرني (لو أن خمسين منهم شهدوا على رجل محصن) بفتح الصاد وكان (بدمشق أنه قد زنى لم) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: ولم (يروه أكنت ترجمه؟ قال: لا. قلت: أرأيت لو أن خمسين منهم شهدوا على رجل بحمص أنه سرق أكنت تقطعه ولم يروه؟ قال: لا. قلت: فوالله ما قتل رسول الله أحدًا قط إلا في إحدى ثلاث خصال رجل) بالرفع مصححًا عليه في الفرع كأصله (قتل) بفتحات متلبسًا (بجريرة نفسه) بفتح الجيم أي بما يجرّه إلى نفسه من الذنب أو من الجناية أي فقتل ظلمًا (فقتل) قصاصًا بضم القاف وكسر الفوقية بالبناء للمفعول (أو رجل زنى بعد إحصان) وكذا امرأة (أو رجل حارب الله ورسوله وارتدّ عن الإسلام، فقال القوم: أوليس قد حدث أنس بن مالك) وعند مسلم من طريق ابن عون فقال عنبسة بن سعيد قد حدّثنا أنس (أن رسول الله قطع في السرق) بفتح السين والراء جمع السارق أو مصدر (وسمر) بالتخفيف كحل (الأعين) بالمسامير المحماة ولأبي ذر والأصيلي بالتشديد. قال القاضي عياض: والتخفيف أوجه (ثم نبذهم) بالذال المعجمة طرحهم (في الشمس) قال أبو قلابة (فقلت: أنا أحدثكم حديث أنس، حدّثني) بالإفراد (أنس أن نفرًا من عكل) بضم العين المهملة وسكون الكاف (ثمانية) نصب بدلاً من نفرًا (قدموا على رسول الله فبايعوه على الإسلام فاستوخموا الأرض) أرض المدينة فلم توافقهم وكرهوها لسقم أجسامهم (فسقمت أجسامهم) بكسر القاف وفتح السين قبلها (فشكوا ذلك) السقم وعدم موافقة أرض المدينة لهم (إلى رسول الله ) فلما شكوا (قال) لهم: (أفلا فخرجوا مع راعينا) يسار النوبي (في إبله) التي يرعاها لنا (فتصيبون من ألبانها وأبوالها قالوا: بلى فخرجوا فشربوا من ألبانها وأبوالها فصحوا) بتشديد الحاء (فقتلوا راعي رسول الله ) يسارًا (وأطردوا) بهمزة مفتوحة وسكون الطاء وفي آل ملك بتشديد الطاء أي ساقوا (النعم، فبلغ ذلك رسول الله فأرسل في آثارهم) شبابًا من الأنصار قريبًا من عشرين وكان أميرهم كرز بن جابر في السنة السادسة (فأدركوا) بضم الهمزة (فجيء بهم فأمر) (بهم فقطعت أيديهم وأرجلهم) بتشديد الطاء في الفرع (وسمر) بالتخفيف ولأبي ذر بالتشديد كحل (أعينهم). وفي مسلم فاقتص منهم بمثل ما فعلوا. وقال الشافعي: إنه منسوخ، وتقرير ذلك أنه لما فعل ذلك بالعرنيين كان بحكم الله وحيًا أو باجتهاد مصيب فنزلت آية المحاربة ﴿إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله﴾ [المائدة: ٣٣] الآية ناسخة لذلك (ثم نبذهم) طرحهم (في الشمس حتى ماتوا) قال أبو قلابة (قلت: وأي شيء أشد مما صنع هؤلاء ارتدوا عن الإسلام وقتلوا) الراعي يسارًا (وسرقوا) النعم؟ (فقال عنبسة بن سعيد) بفتح العين المهملة وسكون النون وبعد الموحدة سين مهملة الأموي

أخو عمرو بن سعيد الأشدق (والله إن سمعت كاليوم قط) بكسر الهمزة وتخفيف النون بمعنى ما النافية والمفعول محذوف أي ما سمعت قبل اليوم مثل ما سمعت منك اليوم قال أبو قلابة (فقلت: أترد علي) بتشديد الياء (حديثي بل عنبسة؟ قال: لا) أرد عليك (ولكن جئت بالحديث على وجهه: والله لا يزال هذا الجند) أي أهل الشأم (بخبر ما عاش هذا الشيخ) أبو قلابة (بين أظهرهم) قال أبو قلابة (قلت: وقد كان في هذا) قال في الكواكب: أي في مثله (سنة من رسول الله ) وهي أنه لم يحلف المدعي للدم بل حلف المدعى عليه أوّلاً (دخل عليه) (نفر من الأنصار) يحتمل أنهم عبد الله بن سهل ومحيصة وأخوه (فتحدثوا عنده فخرج رجل منهم) إلى خيبر (بين أيديهم؟ هو عبد الله بن سهل (فقتل) بها (فخرجوا بعده) إلى خيبر (فإذا هم بصاحبهم) عبد الله بن سهل (يتشحط) بفتح التحتية والفوقية والشين المعجمة والحاء المشددة المهملة بعدها طاء مهملة أيضًا يضطرب (في الدم) ولأبي ذر عن الكشميهني في دمه (فرجعوا إلى رسول الله قالوا: يا رسول الله صاحبنا) عبد الله بن سهل الذي (كان يتحدث) والذي في اليونينية تحدث (معنا) عندك (فخرج بين أيدينا) إلى خيبر

<<  <  ج: ص:  >  >>