(فقلت من أقرأك هذه السورة قال أقرأنيها رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قلت) ولأبي ذر فقلت (له كذبت فوالله إن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اقرأني هذه السورة التي سمعتك تقرأها) ولأبي ذر تقروها بالواو بدل الهمزة وفيه إطلاق التكذيب على غلبة الظن فإن عمر إنما فعل ذلك عن اجتهاد منه لظنه أن هشامًا خالف الصواب قال عمر (فانطلقت) به (أقوده) أجره بردائه (إلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقلت له يا رسول الله إني سمعت هذا) هشامًا (يقرأ بسورة الفرقان) بباء الجر في بسورة (على حروف لم تقرئنيها وأنت أقرأتني سورة الفرقان فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):
(أرسله يا عمر) بهمزة قطع أي أطلقه ثم قال عليه الصلاة والسلام (اقرأ يا هشام فقرأ عليه القراءة التي سمعته يقرأها قال): ولأبي ذر فقال (رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: هكذا أنزلت ثم قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: اقرأ يا عمر فقرأت فقال: هكذا أنزلت ثم قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تطييبًا لقلب عمر لئلا ينكر تصويب الشيئين المختلفين (إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف) أي لغات (فاقرؤوا ما تيسر منه). أي من المنزل.
ومطابقة الحديث للترجمة من حيث إنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لم يؤاخذ عمر بتكذيبه لهشام ولا بكونه لببه بردائه وأراد الإيقاع به بل صدق هشامًا فيما نقله وعذر عمر في إنكاره وسبق في باب كلام الخصوم بعضهم في بعض في كتاب الأشخاص.
٦٩٣٧ - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ ح حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضى الله عنه قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام: ٨٢] شَقَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَالُوا: أَيُّنَا لَمْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لَيْسَ كَمَا تَظُنُّونَ إِنَّمَا هُوَ كَمَا قَالَ لُقْمَانُ لاِبْنِهِ: {يَا بُنَىَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: ١٣].
وبه قال: (حدّثنا) ولأبي ذر: وحدّثنا (إسحاق بن إبراهيم) المشهور بابن راهويه قال: (أخبرنا وكيع) بفتح الواو وكسر الكاف ابن الجراح (ح) لتحويل السند.
(حدّثنا) ولأبي ذر: وحدّثنا (يحيى) بن موسى المعروف بخت قال: (حدّثنا وكيع عن الأعمش) سليمان بن مهران (عن إبراهيم) النخعي (عن علقمة) بن قيس (عن عبد الله) بن مسعود (-رضي الله عنه-) أنه (قال: لما أنزلت هذه الآية) التي في سورة الأنعام ({الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم}) أي لم يخلطوه ({بظلم} شق ذلك على أصحاب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقالوا: أينا لم يظلم نفسه؟ فقال: رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):
(ليس كما تظنون) أنه الظلم مطلقًا (إنما هو كما قال لقمان لابنه {يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم}) [لقمان: ١٣] لأنه تسوية بين من لا نعمة إلا وهي منه وبين من لا نعمة منه أصلاً.
ووجه المطابقة بين الحديث والترجمة من حيث إنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لم يؤاخذ الصحابة بحملهم الظلم في الآية على عمومه حتى يتناول كل معصية بل عذرهم لأنه ظاهر في التأويل ثم بين لهم المراد بما رفع الإشكال.
والحديث سبق في أول كتاب استتابة المرتدين.
٦٩٣٨ - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِىِّ، أَخْبَرَنِى مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ قَالَ: سَمِعْتُ عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: غَدَا عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ رَجُلٌ: أَيْنَ مَالِكُ بْنُ الدُّخْشُنِ؟ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَّا: ذَلِكَ مُنَافِقٌ لَا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَالَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَلَا تَقُولُوهُ يَقُولُ: لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ يَبْتَغِى بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ» قَالَ: بَلَى قَالَ: «فَإِنَّهُ لَا يُوَافَي عَبْدٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِهِ إِلَاّ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ النَّارَ».
وبه قال: (حدّثنا عبدان) هو لقب عبد الله بن عثمان بن جبلة المروزي قال: (أخبرنا عبد الله) بن المبارك المروزي قال: (أخبرنا معمر) بفتح الميمين بينهما عين مهملة ساكنة ابن راشد الأزدي مولاهم أبو عروة البصري (عن الزهري) محمد بن مسلم أنه قال (أخبرني) بالإفراد (محمود بن الربيع) بفتح الراء وكسر الموحدة الخزرجي الصحابيّ الصغير وجل روايته عن الصحابة
(قال: سمعت) ولأبي ذر عن الكشميهني: سمع (عتبان بن مالك) بكسر العين وسكون الفوقية ابن عجلان الأنصاري الصحابي (يقول: غدا علي) بتشديد التحتية (رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) فيه حذف ذكره في باب المساجد في البيوت من طريق عقيل عن الزهري يلفظ: إنه أي عتبان أتى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال: يا رسول الله قد أنكرت بصري وأنا أصلي لقومي فإذا كانت الأمطار سال الوادي الذي بيني وبينهم لم أستطع أن آتي مسجدهم فأصلي بهم ووددت يا رسول الله إنك تأتيني فتصلي في بيتي فأتخذه مصلّى قال فقال له رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "سأفعل إن شاء الله" قال عتبان: فغدا عليّ رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأبو بكر حين ارتفع النهار فاستأذن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأذنت له فلم يجلس حين دخل البيت ثم قال: "أين تحب أن أصلي من بيتك" قال: فأشرت له إلى ناحية من البيت فقام رسول الله -صَلَّى اللَّهُ