(حدّثنا أحمد بن يونس) هو أحمد بن عبد الله بن يونس اليربوعي الكوفي قال: (حدّثنا زهير) بن معاوية أبو خيثمة الكوفي قال: (حدّثنا) بالجمع ولأبي ذر حدّثني (يحيي هو ابن سعيد) ولأبي ذر وهو ابن سعيد أي الأنصاري (قال: سمعت أبا سلمة) بن عبد الرحمن بن عوف (قال: سمعت أبا قتادة) الحارث بن ربعي الأنصاري ﵁(عن النبي ﷺ) أنه (قال):
(الرؤيا) يراها الشخص في النوم مما يسره (من الله) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي الصادقة وله عن الكشميهني الصالحة (والحلم من الشيطان) بضم الحاء المهملة وسكون اللام. وقال السفاقسي بضمهما وهو ما يراه النائم من الأمر الفظيع المهول. قال ابن نفيس في شامله: قد تحدث الأحلام لأمر في المأكول وذلك بأن يكون كثير التبخير أو التدخين فإذا تصعد ذلك إلى الدماغ وصادف انفتاح البطن الأوسط منه وهو من شأنه أن يكون متفتحًا حال النوم حرّك ذلك البخاري أو الدخان أرواح الدماغ وغيرها عن أوضاعها فيعرض عن ذلك أن تختلط الصور التي في مقدم الدماغ بعضها ببعض وينفصل بعضها من بعض فيحدث من ذلك صور ليست على وفق الصور الواردة من الحواس والقوة التي تدرك تلك الصور حينئذ ويلزم ذلك أن يحكم على تلك الصور بمعان تناسبها، فتكون تلك المعاني لا محالة مخالفة للمعاني المعهودة فلذلك تكون الأحلام حينئذ مشوشة فاسدة، وقد تحدث الأحلام لأمر مهمّ يتفكّر فيه في اليقظة فيستمر عمل القوة المفكرة في ذلك فيكون أكثر ما يرى متعلقًا به، وهذا مثل الصنائع والفكر في العلوم وكثيرًا ما يكون الفكر صحيحًا لأن القوة تكون حينئذٍ قد قويت بما عرض لها من الراحة، ولأجل توفر الأرواح حينئذ على القوى الباطنة، فلذلك كثيرًا ما ينحل حينئذ مسائل مشكلة وشبه معطلة وكثيرًا ما تستنتج الفكرة حينئذ مسائل لم تخطر أوّلاً بالبال وذلك لتعلقها بالفكرة المتقدمة في اليقظة وهذه الوجوه من الأحلام لا اعتبار لها في التعبير، وأكثر من تصدق أحلامه من يتجنب الكذب فلا يكون لمخيلته عادة بوضع الصور والمعاني الكاذبة، ولذلك الشعراء يندر جدًّا صدق أحلامهم لأن الشاعر من عادته التخيل لما ليس واقعًا وأكثر فكره إنما هو في وضع الصور والمعاني الكاذبة اهـ.
وإضافة الحلم إلى الشيطان لكونه على هواه ومراده أو لأنه الذي يخيل فيه ولا حقيقة له في نفس الأمر أو لأنه يحضره لا أنه يفعله إذ كل مخلوق لله تعالى، وأما إضافة الرؤيا وهي اسم للمرئيّ المحبوب إلى الله تعالى فإضافة تشريف وظاهره إن المضافة إلى الله لا لها يقال حلم والمضافة إلى الشيطان لا يقال لها رؤيا وهو تصرف شرعي وإلاّ فالكل يسمى رؤيا. وفي حديث آخر الرؤيا ثلاث فأطلق على كل رؤيا.
حديث الباب سبق في الطب وأخرجه مسلم والترمذي وأبو داود والنسائي وابن ماجة.
وبه قال:(حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: (حدّثنا الليث) بن سعد الإمام قال: (حدّثني) بالإفراد (ابن الهاد) بغير تحتية بعد المهملة وهو يزيد بن عبد الله بن أسامة بن عبد الله بن شداد بن الهاد الليثي (عن عبد الله بن خباب) بخاء معجمة مفتوحة وموحدتين الاللى مشددة بينهما ألف الأنصاري.
(عن أبي سعيد) سعد بن مالك (الخدري)﵁(إنه سمع النبي ﷺ يقول):
(إذا رأى أحدكم) في منامه (رؤيا يحبها فإنما هي من الله فليحمد الله عليها وليحدث بها) وفي مسلم حديث فإن رأى رؤيا حسنة فليبشر ولا يخبر إلا من يحب، وفي الترمذي من حديث أبي رزين ولا يقصها إلا على وادّ، وفي أخرى ولا يحدث بها إلا لبيبًا أو حبيبًا، وفي أخرى لا تقص الرؤيا إلاّ على عالم أو ناصح. قيل: لأن العالم يؤوّلها على الخير مهما أمكنه، والناصح يرشد إلى ما ينفع، واللبيب العارف بتأويلها، والحبيب إن عرف خيرًا قاله وإن جهل أو شك سكت، ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: وليتحدث بزيادة فوقية بعد التحتية وفتح الدال المهملة