(ففتح لنا) بضم الفاء مبنيًّا للمفعول (فدخلناها فتلقانا فيها رجال شطر) نصف (من خلقهم) بفتح الخاء وسكون اللام بعدها قاف هيئتهم (كأحسن) خبر قوله شطر والكاف زائدة (ما أنت راء) بهمزة منونة ولأبي ذر رائي بتحتية ساكنة بعد الهمزة والجملة صفة رجال (وشطر كأقبح ما أنت راء) ولأبي ذر رائي ويحتمل أن يكون بعضهم موصوفين بأن خلقتهم حسنة وبعضهم قبيحة وأن يكون كل واحد منهم بعضه حسن وبعضه قبيح (قال: قالا) أي الملكان (لهم اذهبوا فقعوا في ذلك النهر) لتغسل تلك الصفة القبيحة بهذا الماء الخالص (قال: وإذا نهر معترض يجري) عرضًا (كأن ماءه المحض) بالحاء المهملة والضاد المعجمة اللبن الخالص (في البياض فذهبوا فوقعوا فيه) في النهر (ثم رجعوا إلينا) حال كونهم (قد ذهب ذلك السوء عنهم) وهو القبح (فصاروا في أحسن صورة قال)﵊:
(قالا لي هذا) المدينة (جنة عدن) أي إقامة (وهذاك منزلك قال) صلوات الله وسلامه عليه (فسما) بفتح المهملة والميم مخففة أي نظر (بصري صعدًا) بضم المهملتين وتنوين الدال المهملة ارتفع كثيرًا (فإذا قصر مثل الربابة) بفتح الراء والموحدتين بينهما ألف السحابة (البيضاء قال: قالا لي هذاك منزلك قال: قلت لهما: بارك الله فيكما ذراني) بفتح المعجمة والراء المخففة اتركاني (فأدخله) جواب الأمر منصوب بتقدير أن أو مجزوم على الجواب (قالا أما الآن فلا وأنت داخله) في الأخرى، وفي رواية جرير في الجنائز قالا إنه بقي لك عمر لم تستكمله فلو استكملت أتيت منزلك وقد قيل إنه ﷺ رفع بعد موته إلى الجنة وعورض بقوله ﷺ. "أنا أول من تنشق عنه الأرض" فإنه يشعر بأنه في قبره الشريف. وأجيب: باحتمال أن لروحه الشريفة انتقالات من مكان إلى آخر وتصرفات في الكون كيف شاء الله.
(قال: قلت لهما فإني قد رأيت منذ الليلة عجبًا) سقط قد لأبي ذر (فما هذا الذي رأيت؟ قال: قالا لي أما) بفتح الهمزة والميم المخففة (إنّا) بكسر الهمزة وتشديد النون (سنخبرك) عنه (أمّا) بالتشديد (الرجل الأول الذي أتيت عليه يثلغ رأسه بالحجر فإنه الرجل يأخذ بالقرآن فيرفضه) بضم الفاء الثانية وكسرها يتركه (وينام عن الصلاة المكتوبة) جعلت العقوبة في رأسه لنومه عن الصلاة
والنوم موضعه الرأس (وأما الرجل الذي أتيت عليه يشرشر) بفتح الشينين (شدقه) بكسر الشين (إلى قفاه ومنخره إلى قفاه وعينه إلى قفاه فإنه الرجل يغدو) بالغين المعجمة يخرج (من بيته) مبكرًا (فيكذب الكذبة) بفتح الكاف وسكون الذال المعجمة (تبلغ الآفاق) زاد في الجنائز فيصنع به إلى يوم القيامة وإنما استحق التعذيب لما ينشأ عن تلك الكذبة من المفاسد وهو فيها غير مكره، وقال ابن العربي: شرشرة شدق الكاذب إنزال العقوبة بمحل المعصية، وقال ابن هبيرة: لما كان الكاذب يساعد أنفه وعينه لسانه على الكذب بترويج باطله وقعت المشاركة بينهم في العقوبة (وأما الرجال والنساء العراة الذين في مثل بناء التنور فإنهم الزنا والزواني) ومناسبة العري لأن عادتهم التستر بالخلوة فعوقبوا بالهتك ولما كانت جنايتهم من أعضائهم السفلى ناسب أن يكون عذابهم من تحتهم (وأما الرجل الذي أتيت عليه يسبح في النهر ويلقم الحجر) بضم التحتية وفتح القاف والحجر نصب مفعول ثان، ولأبي ذر وابن عساكر الحجارة بالجمع (فإنه آكل الربا) بمدّ همزة آكل وكسر كافها وفي إلقامه الحجر إشارة إلى أنه لا يغني عنه شيئًا كما أن المرابي يتخيل أن ماله يزداد والله يمحقه (وأما الرجل الكريه المرآة) بفتح الميم وسكون الراء وبالمد (الذي عند النار) ولأبي ذر عن الكشميهني عنده النار بزيادة الضمير والرفع (يحشها ويسعى حولها فإنه مالك خازن جهنم) وإنما كان كريه المنظر لأن فيه زيادة في عذاب أهل النار (وأما الرجل الطويل الذي في الرَوضة فإنه إبراهيم ﷺ وأما الولدان الذين حوله فكل مولود مات على الفطرة) الإسلامية.