تقابلها وهي التي لخصومهم أو الكتيبة الأخيرة التي لأنفسهم ومن ورائهم أي لا ينهزمون إذ عند الانهزام يرجع الآخر أوّلاً قاله في الكواكب. وقال في المصابيح: تدبر فعل مضارع مبني للفاعل من الإدبار أي حتى تجعل أخراها من تقدمها دبرًا لها أي تخلفها وتقوم مقامها وفي الصلح إني لأرى كتائب لا تولي حتى تقتل أقرانها (قال معاوية) لعمرو (من لذراريّ المسلمين)؟ بالذال المعجمة وتشديد التحتية أي من يكفلهم إن قتل آباؤهم (فقال: أنا) أكفلهم قال في الفتح ظاهر قوله أنا يوهم أن المجيب عمرو بن العاص ولم أرَ في طرق الحديث ما يدل على ذلك فإن كانت محفوظة فلعلها كانت فقال إني بتشديد النون المفتوحة قالها عمرو على سبيل الاستبعاد (فقال عبد الله بن عامر) واسم جده كريز العبشمي (وعبد الرحمن بن سمرة) وكلاهما من قريش من بني عبد شمس (تلقاه) بالقاف أي نجد معاوية (فنقول له الصلح) أي نحن نطلب الصلح وفي كتاب الصلح أن معاوية هو الذي أرسلهما إلى الحسن يطلب منه الصلح فيحتمل أنهما عرضًا أنفسهما فوافقهما.
(قال الحسن) البصري بالسند السابق (ولقد سمعت أبا بكرة) نفيعًا -رضي الله عنه- (قال: بينا) بغير ميم (النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يخطب جاء الحسن) بن علي -رضي الله عنهما- زاد البيهقي في دلائله من رواية علي بن زيد عن الحسن فصعد المنبر (فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):
(إن ابني هذا سيد) فأطلق الابن على ابن البنت (ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين) طائفة الحسن وطائفة معاوية -رضي الله عنهما- واستعمل لعل استعمال عسى لاشتراكهما في الرجاء والأشهر في خبر لعل بغير أن كقوله تعالى:{لعل الله يحدث}[الطلاق: ١] وفيه أن السيادة إنما يستحقها من ينتفع به الناس لكونه علق السيادة بالإصلاح وفيه علم من أعلام نبيّنا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقد ترك الحسن الملك ورعًا ورغبة فيما عند الله ولم يكن ذلك لعلة ولا لقلة ولا لذلة بل صالح معاوية رعاية للدين وتسكينًا للفتنة وحقن دماء المسلمين، وروي أن أصحاب الحسن قالوا
له: يا عار المؤمنين. فقال -رضي الله عنه-: العار خير من النار، وفي الحديث أيضًا دلالة على رأفة معاوية بالرعية وشفقته على المسلمين وقوة نظره في تدبر الملك ونظره في العواقب.
وبه قال:(حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة (قال: قال عمرو) بفتح العين ابن دينار (أخبرني) بالإفراد (محمد بن علي) أي ابن الحسين بن علي أبو جعفر الباقر (أن حرملة) بفتح الحاء المهملة وسكون الراء (مولى أسامة) بن زيد وهو مولى زيد بن ثابت ومنهم من فرق بينهما (أخبره قال عمرو): هو ابن دينار (وقد رأيت حرملة) المذكور أي وكان يمكنني الأخذ عنه لكن لم أسمع منه هذا (قال) أي حرملة (أرسلني أسامة) بن زيد من المدينة (إلى علي) -رضي الله عنه- بالكوفة يسأله شيئًا من المال (وقال) أسامة: (إنه) أي عليًّا رضي الله عنه (سيسألك الآن فيقول: مما خلف صاحبك)؟ أسامة عن مساعدتي في وقعة الجمل وصفّين وعلم أن عليًّا كان ينكر على من تخلف عنه لا سيما أسامة الذي هو من أهل البيت (فقل له) أي لعلي وفي الفرع مصلحًا على كشط مصححًا عليه فقلت له والذي في اليونينية مصلح على كشط فقل له (يقول لك) أسامة: (لو كنت) بتاء الخطاب (في شدق الأسد) بكسر الشين المعجمة وقد تفتح وسكون الدال المهملة بعدها قاف أي جانب فمه من داخل (لأحببت أن أكون معك فيه) كناية عن الموافقة في حالة الموت لأن الذي يفترسه الأسد بحيث يجعله في شدقه في عداد من هلك ومع ذلك فقال لو وصلت إلى هذا المقام لأحببت أن أكون معك فيه مواسيًا لك بنفسي (ولكن هذا) أي قتال المسلمين (أمر لم أره) لأنه لما قتل مرداسًا ولامه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على ذلك آل على نفسه أن لا يقاتل مسلمًا أبدًا. قال حرملة: فذهبت إلى علي فبلغته ذلك، وعند الإسماعيلي من رواية ابن أبي عمر عن سفيان فجئت بها أي بالمقالة فأخبرته (فلم يعطني شيئًا) وفي هامش اليونينية صوابه فلم يعني شيئًا. قال