قال (أخّر النبي ﷺ هذه الصلاة) أي صلاة العشاء ليلة (فجاء عمر فقال: يا رسول الله رقد النساء والولدان) جمع وليد وهو الصبي (فخرج)﵊(وهو يمسح الماء) أي ماء الغسل (عن شقه) بكسر الشين المعجمة والقاف المشددة حال كونه (يقول: إنه للوقت) بفتح اللام الأولى وسكون الثانية أي لوقت صلاة العشاء (لولا أن أشق على أمتي) وهذا موصول (وقال عمرو): هو ابن دينار (حدّثنا عطاء ليس فيه) أي في سنده (ابن عباس أما) بفتح الهمزة وتشديد الميم (عمرو) أي ابن دينار (فقال) في روايته (رأسه يقطر) أي ماء. (وقال ابن جريج) عبد الملك في روايته (يمسح الماء عن شقه) بكسر المعجمة (وقال عمرو) المذكور (لولا أن أشقّ على أمتي. وقال ابن جريج: إنه للوقت) بفتح اللام الأولى وسكون الثانية (لولا أن أشقّ على أمتي) أي لحكمت بأن هذه الساعة وقت صلاة العشاء.
(وقال إبراهيم بن المنذر) أبو إسحاق الحزامي شيخ المؤلّف قال: (حدّثنا معن) بفتح الميم وسكون العين المهملة بعدها نون ابن عيسى القزاز بالقاف والزاءين مشددة أولاهما قال: (حدّثني) بالإفراد (محمد بن مسلم) الطائفي (عن عمرو) هو ابن دينار (عن عطاء) هو ابن أبي رباح (عن ابن عباس عن النبي ﷺ) وهذا موصول بذكر ابن عباس فيه وهو مخالف لتصريح سفيان بن عيينة عن عمرو بأن حديثه عن عطاء ليس فيه ابن عباس قيل: فهو من أوهام الطائفي وهو موصوف بسوء الحفظ، وتعقب بأنه إذا كان كذلك فكيف رضي البخاري بإخراجه فيه موصولاً.
وهذا وصله الإسماعيلي. ولولا حرف امتناع ويلزم بعدها المبتدأ وحرف تحضيض ويلزم بعدها الفعل المضارع نحو لولا تستغفرون الله وللتوبيخ فتختص بالماضي نحو ﴿لولا جاؤوا عليه بأربعة شهداء﴾ [النور: ١٣] ومنه: ﴿ولولا إذ سمعتموه قلتم﴾ [النور: ١٦] إلا أن الفعل أخّر وذكر الهروي فيها الاستفهام نحو قوله تعالى: ﴿ولولا أخّرتني إلى أجل قريب﴾ [المنافقون: ١٠] وأنها تكون نافية بمنزلة لم وجعل منه قوله تعالى: ﴿فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس﴾ [يونس: ٩٨] إذ ثبت هذا فلولا هنا الامتناعية ويجب حذف خبر المبتدأ الواقع بعدها.
قال ابن مالك: على هذا إطلاق أكثر النحويين إلا الرماني وابن الشجري قال: وقد يسّر لي في هذه المسألة زيادة وهي أن المبتدأ المذكور بعد لولا على ثلاثة أضرب: مخبر عنه بكون غير مقيد، ومخبر عنه بكون مقيد لا يدرك معناه عند حذفه، ومخبر عنه بكون مقيد يدرك معناه عند حذفه.
فالأول: نحو لولا زيد لزارنا عمرو فمثل هذا يلزم حذف خبره لأن المعنى لولا زيد على كل حال من أحواله لزارنا عمرو، فلم يكن حال من أحواله أولى بالذكر من غيرها فلزم الحذف لذلك ولما في الجملة من الاستطالة المحوجة إلى الاختصار.
الثاني: وهو المخبر عنه بكون مقيد ولا يدرك معناه إلا بذكره نحو لولا زيد غائب لم أزرك فخبر هذا النوع واجب الثبوت لأن معناه يجهل عند حذفه، ومنه قول النبي ﷺ:(لولا قومك حديثو عهد بكفر) أو حديث عهدهم بكفر فلو اقتصر في مثل هذا على المبتدأ لظن أن المراد لولا قومك على كل حال من أحوالهم لنقضت الكعبة، وهو خلاف المقصود لأن من أحوالهم بعد عهدهم بالكفر فيما يستقبل، وتلك الحال لا تمنع من نقض الكعبة وبنائها على الوجه المذكور ومن هذا النوع قال عبد الرحمن بن الحارث لأبي هريرة إني ذاكر لك أمرًا ولولا مروان أقسم عليّ لم أذكره لك.
الثالث: وهو المخبر عنه بكون مقيد يدرك معناه عند حذفه كقوله: لولا أخو زيد ينصره لغلب، ولولا صاحب عمرو يعينه لعجز فهذه الأمثلة وأمثالها يجوز فيها إثبات الخبر وحذفه اهـ.
وحينئذ فيكون قوله هنا: لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم من القسم الأول ويحتاج إلى تقدير أي لولا مخافة أن أشق لأمرتهم أمر إيجاب وإلا لانعكس معناها إذ الممتنع المشقّة والموجود الأمر واللام جواب لولا.
واستشكل مطابقة الحديث للترجمة إذ هي للو الذي هو لامتناع الشيء لامتناع غيره