ربيعة وكان سبب ذلك طعن الناس في نسب بعضهم (فلما رأى عمر) -رضي الله عنه- (ما بوجه رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من الغضب) أي من أثر الغضب (قال إنا نتوب إلى الله) عز وجل مما يوجب غضبك يا رسول الله وزاد مسلم فما أتى على أصحاب رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يوم كان أشد منه.
والحديث سبق في باب الغضب في الموعظة من كتاب العلم.
٧٢٩٢ - حَدَّثَنَا مُوسَى، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ، عَنْ وَرَّادٍ كَاتِبِ الْمُغِيرَةِ قَالَ: كَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى الْمُغِيرَةِ اكْتُبْ إِلَىَّ مَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَكَتَبَ إِلَيْهِ إِنَّ نَبِىَّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَقُولُ فِى دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ: «لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهْوَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ، اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُعْطِىَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ»، وَكَتَبَ إِلَيْهِ إِنَّهُ كَانَ يَنْهَى عَنْ قِيلَ وَقَالَ وَكَثْرَةِ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةِ الْمَالِ وَكَانَ يَنْهَى عَنْ عُقُوقِ الأُمَّهَاتِ وَوَأْدِ الْبَنَاتِ وَمَنْعٍ وَهَاتِ.
وبه قال: (حدّثنا موسى) بن إسماعيل التبوذكي قال: (حدّثنا أبو عوانة) الوضاح اليشكري قال: (حدّثنا عبد الملك) بن عمير الكوفي (عن وراد) بفتح الواو والراء المشددة (كاتب المغيرة) بن شُعبة ومولاه أنه (قال: كتب معاوية) بن أبي سفيان (إلى المغيرة اكتب إليّ) بتشديد الياء (ما سمعت
من رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فكتب إليه) المغيرة (أن نبيّ الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يقول في دبر كل صلاة) بضم الدال والموحدة أي عقب كل صلاة مكتوبة بعد الفراغ منها:
(لا إله إلا الله وحده لا شريك له) حال ثانية مؤكدة لمعنى الأولى ولا نافية وشريك مبني مع لا على الفتح وخبر لا متعلق له (له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. اللهم لا مانع لما أعطيت) أي للذي أعطيته (ولا معطي لما منعت) للذي منعته (ولا ينفع ذا الجد منك الجد) بفتح الجيم فيهما أي لا ينفع صاحب الحظ من نزول عذابك حظه، وإنما ينفعه عمله الصالح فالألف واللام في الجد الثاني عوض عن الضمير وقد سوغ ذلك الزمخشري، واختاره كثير من البصريين والكوفيين في نحو قوله تعالى: {فإن الجنة هي المأوى} [النازعات: ٤١] قال وراد بالسند السابق.
(وكتب) المغيرة أيضًا (إليه) أي إلى معاوية (أنه) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (كان ينهى عن قيل وقال) ببنائهما على الفتح على سبيل الحكاية وبجرهما وتنوينهما معربين لكن الذي يقتضيه المعنى كونهما على سبيل الحكاية لأن القيل والقال إذا كانا اسمين كانا بمعنى واحد كالقول، فلم يكن في عطف أحدهما على الآخر فائدة بخلاف ما إذا كانا فعلين فإنه يكون النهي عن قيل فيما لا يصح ولا يعلم حقيقته فيقول المرء في حديثه قيل كذا كما جاء في الحديث: بئس مطية المرء زعموا، وإنما كان النهي عن ذلك لشغل الزمان في التحديث بما لا يصح ولا يجوز، ويكون النهي عن قال فيما يشك في حقيقته وإسناده إلى غيره لأنه يشغل الوقت بما لا فائدة فيه بل قد يكون كذبًا فيأثم ويضر نفسه وغيره أما من تحقق الحديث وتحقق من يسنده إليه مما أباحه الشرع فلا حرج في ذلك (و) كان عليه الصلاة والسلام ينهى عن (كثرة السؤال) بفتح الكاف وكسرها لغة رديئة كما في الصحاح أي كثرة المسائل العلمية التي لا تعدو الحاجة إليها. وفي حديث معاوية نهي عن الأغلوطات وهي شداد المسائل وصعابها وإنما كره ذلك لما يتضمن كثير منه التكلف في الدين والتنطع من غير ضرورة أو المسائل في المال، وقد وردت أحاديث في تعظيم مسألة الناس (و) عن (إضاعة المال) فيما لا يحل (وكان ينهى عن عقوق الأمهات) جمع أمهة قال:
أمهتي خندف والياس أبي
إلا أن أمهة لمن يعقل وأم لمن يعقل ولمن لا يعقل. قال الشيخ تقيّ الدين بن دقيق العيد: وتخصيص العقوق بالأمهات مع امتناعه في الآباء أيضًا لأجل شدة حقوقهن ورجحان الأمر ببرهِنّ بالنسبة إلى الآباء.
وهذا من باب تخصيص الشيء بالذكر لإظهار عظمه في المنع إن كان ممنوعًا وشرفه إن كان مأمورًا به، وقد يراعى في موضع آخر بالتنبيه بذكر الأدنى على الأعلى فيخص الأدنى بالذكر وذلك بحسب اختلاف المقصود (و) عن (وأد البنات) بالهمزة الساكنة والدال المهملة أي دفنهن مع
الحياة فعل الجاهلية ولذا خصت بالذكر فتوجه النهي إليه لا لأن الحكم مخصوص بالبنات (و) عن (منع) بفتح الميم وسكون النون وتنوين العين مكسورة لما يسأل من الحقوق الواجبة عليه (و) عن قول (هات) بكسر الفوقية من غير تنوين يطلب من الناس من غير حاجة، وفيه ترجيح أن يكون المراد من النهي عن كثرة السؤال سؤال غير المال دفعًا للتكرار.
والحديث سبق في الصلاة وغيرها.