بفتح الفوقية قبل الواو الساكنة أي تطلب منهم الفتوى (فيفتون) بضم التحتية والفوقية (برأيهم فيضلون) بضم التحتية (ويضلون) بفتحها قال عروة: (فحدّثت عائشة) ولأبوي الوقت وذر فحدّثت به عائشة (زوج النبي ﷺ ثم إن عبد الله بن عمرو حج بعد) أي بعد ذلك السنة أو الحجة (فقالت) له عائشة (يا ابن أختي) أسماء بنت أبي بكر (انطلق إلى عبد الله) بن عمرو (فاستثبت لي منه الذي حدّثتني عنه) بسكون المثلثة، وفي مسلم قالت لي عائشة: يا ابن أختي بلغني أن عبد الله بن عمرو مارّ بنا إلى الحج فالقه فسائله فإنه قد حمل عن النبي ﷺ علمًا كثيرًا. قال عروة (فجئته) أي جئت عبد الله بن عمرو (فسألته) عن ذلك (فحدّثني به كنحو ما حدّثني) في المرة الأولى (فأتيت عائشة)﵂(فأخبرتها) بذلك (فعجبت) لكونه ما غيّر حرفًا عنه (فقالت: والله لقد حفظ عبد الله بن عمرو) وفي رواية سفيان بن عيينة عند الحميدي قال عروة: ثم لبثت سنة ثم لقيت عبد الله بن عمرو في الطواف فسألته فأخبرني. قال في الفتح: فأفاد أن لقاءه إياه في المرة الثانية كان بمكة، وكأن عروة كان حج في تلك السنة من المدينة وحج عبد الله من مصر فبلغ عائشة، ويكون قولها قد قدم أي من مصر طالبًا مكة لا أنه قدم المدينة إذ لو دخلها للقيه عروة بها، ويحتمل أن تكون عائشة حجّت تلك السنة وحجّ معها عروة فقدم عبد الله بعد فلقيه بأمر عائشة، وعند أحمد عن ابن مسعود قال: هل تدرون ما ذهاب العلم؟ ذهاب العلماء. واستدلّ بالحديث على جواز خلوّ الزمان عن مجتهد وهو قول الجمهور خلافًا لأكثر الحنابلة وبعد من غيرهم لأنه صريح في رفع العلم بقبض العلماء وفي ترئيس أهل الجهل ومن لازمه الحكم بالجهل، وإذا انتفى العلم ومن يحكم به استلزم انتفاء الاجتهاد والمجتهد، وعورض هذا بحديث لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين حتى يأتي أمر الله. وأجيب: بأنه ظاهر في عدم الخلو لا في نفي الجواز وبأن الدليل الأول أظهر للتصريح بقبض العلم تارة ورفعه أخرى بخلاف الثاني.
ومطابقة الحديث للترجمة في قوله: فيفتون برأيهم. والحديث سبق في باب كيف يقبض العلم من كتاب العلم، وأخرجه مسلم في القدر والترمذي في العلم وابن ماجة في السُّنّة.
وبه قال:(حدّثنا عبدان) هو عبد الله بن عثمان وعبدان لقبه قال: (أخبرنا أبو حمزة) بالحاء المهملة والزاي محمد بن ميمون السكري قال: (سمعت الأعمش) سليمان بن مهران (قال: سألت أبا وائل) شقيق بن سلمة (هل شهدت) وقعة (صفين) التي كانت بين علي ومعاوية (قال: نعم) حضرتها (فسمعت سهل بن حنيف) بضم الحاء وفتح النون (يقول: ح) لتحويل السند إلى آخر.
قال البخاري:(وحدّثنا موسى بن إسماعيل) التبوذكي الحافظ قال: (حدّثنا أبو عوانة) الوضاح اليشكري (عن الأعمش عن أبي وائل) أنه (قال: قال سهل بن حنيف)﵁ يوم صفين وقد كانوا يتهمونه بالتقصير في القتال يومئذ (يا أيها الناس اتهموا رأيكم) في هذا القتال (على دينكم) فإنما تقاتلون إخوانكم في الإسلام باجتهاد اجتهدتموه. وقال في الفتح: أي لا تعملوا في أمر الدين بالرأي المجرد الذي لا يستند إلى أصل من الدين. وقال ابن بطال: وهذا وإن كان يدل على ذم الرأي لكنه مخصوص بما إذا كان معارضًا للنص فكأنه قال: اتهموا الرأي إذا خالف السُّنَّة (لقد رأيتني) أي رأيت نفسي (يوم أبي جندل) بفتح الجيم والدال المهملة بينهما نون ساكنة آخره لام ابن سهيل بن عمرو إذ جاء يوسف في قيوده يوم الحديبية سنة ست عند كتب الصلح على وضع الحرب عشر سنين، ومن أتى من قريش بغير إذن وليه ردّه عليهم (ولو أستطيع أن أردّ أمر رسول الله ﷺ) إذ ردّ أبا جندل إلى قريش لأجل الصلح (لرددته) وقاتلت قريشًا قتالاً لا مزيد له، فكما توقفت يوم الحديبية من أجل أني لا أخالف حكم رسول الله ﷺ كذلك أتوقف اليوم لأجل مصلحة المسلمين، وقد جاء عن عمر نحو