والمعتمد الحصول لأنه قد أتى بالمقدار الذي رتب على الإتيان به ذلك الثواب، فلا تكون الزيادة مزيلة له بعد حصوله بذلك العدد، أشار إليه الحافظ زين الدين العراقي.
وقد اختلفت الروايات في عدد هذه الأذكار الثلاثة.
ففي حديث أبي هريرة، ثلاثًا وثلاثين، كما مرّ. وعند النسائي من حديث زيد بن ثابت خمسًا وعشرين، ويزيدون فيها: لا إله إلاّ الله خمسًا وعشرين وعند البزار من حديث ابن عمر: إحدى عشرة، وعند الترمذي والنسائي من حديث أن: عشرًا، وفي حديث أن في بعض طرقه: ستًا، وفي بعض طرقه أيضًا مرة واحدة.
وعند الطبراني، في الكبير، من حديث زميل الجهني، قال: كان رسول الله ﷺ إذا صلّى الصبح قال: وهو ثان رجليه: "سبحان الله وبحمده، وأستغفر الله إنه كان توّابًا" سبعين مرة، ثم يقول: "سبعين بسبعمائة". الحديث.
وعند النسائي، في اليوم والليلة، من حديث أبى هريرة مرفوعًا: "من سبح دبر كل صلاة مكتوبة مائة، وكبّر مائة وحمد مائة، غفرت له ذنوبه وإن كانت أكثر من زبد البحر".
وهذا الاختلاف يحتمل أن يكون صدر في أوقات متعددة، أو هو وارد على سبيل التخيير، أو بختلف باختلاف الأحوال.
وقد زاد مسلم في رواية ابن عجلان عن سميّ، قال أبو صالح: فرجع فقراء المهاجرين إلى رسول الله ﷺ، فقالوا: سمع إخواننا أهل الأموال بما فعلنا، فقالوا مثله.
فقال رسول الله ﷺ ﴿ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ﴾ [المائدة: ٥٤].
قال المهلب: في حديث أبي هريرة: "فضل الغني" نصًّا لا تأويلاً إذا استوت أعمالهم المفروضة، فللغني حينئذ من فضل عمل البر ما لا سبيل للفقير إليه، وتعقبه ابن المنير بأن الفضل المذكور فيه خارج عن محل الخلاف، إذ لا يختلفون في أن الفقير لم يبلغ فضل الصدقة، وكيف يختلفون فيه وهو لم يفعل الصدقة، وإنما الخلاف إذا قابلنا مزية الفقير بثواب الصبر على مصيبة شظف العيش، ورضاه بذلك، بمزية الغني بثواب الصدقات، أيهما أكثر ثوابًا اهـ.
ويأتي إن شاء الله تعالى مباحث هذه المسألة في: كتاب الأطعمة.
ورواة حديث الباب ما بين بصري ومدني، وفيه التحديث والعنعنة والقول، وأخرجه مسلم أيضًا: في الصلاة، والنسائي: في اليوم والليلة.
٨٤٤ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ وَرَّادٍ كَاتِبِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: "أَمْلَى عَلَىَّ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ -فِي كِتَابٍ إِلَى مُعَاوِيَةَ- أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَقُولُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ: لَا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهْوَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ. اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ".
وَقَالَ شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بِهَذَا وَعَنِ الْحَكَمِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُخَيْمِرَةَ عَنْ وَرَّادٍ بِهَذَا.
وَقَالَ الْحَسَنُ: الْجَدُّ غِنًى.
[الحديث ٨٤٤ - أطرافه في: ١٤٧٧، ٢٤٠٨، ٥٩٧٥، ٦٣٣٠، ٦٤٧٣، ٦٦١٥، ٧٢٩٢].
وبه قال: (حدّثنا محمد بن يوسف) الفريابي (قال: حدّثنا سفيان) الثوري (عن عبد الملك بن عمير) بضم العين وفتح الميم (عن وراد) بفتح الواو وتشديد الراء آخره دال مهملة (كاتب المغيرة) بالإضافة، ولأبي ذر: كاتب للمغيرة (بن شعبة قال: أملى عليّ المغيرة بن شعبة) سقط: ابن شعبة في رواية أبي ذر والأصيلي، (-في كتاب إلى معاوية-) وكان المغيرة إذ ذاك أميرًا على الكوفة من قبل معاوية، وكان السبب في ذلك أن معاوية كتب إليه اكتب إليّ بحديث سمعته من رسول الله ﷺ، فكتب إليه (أن النبي ﷺ كان يقول في دبر كل صلاة) بضم الدال والموحدة وقد تسكن، أي: عقب كل صلاة (مكتوبة).
(لا إله إلا الله) بالرفع على الخبرية للا، أو على البدلية من الضمير المستتر في الخبر المقدّر، أو من اسم: لا، باعتبار محله قبل دخولها، أو أن إلا بمعنى: غير، أي: لا إله إلاّ الله في الوجود، لأنّا لو حملنا: إلا، على الاستثناء لم تكن الكلمة توحيدًا محضًا.
وعورض: بأنه على تأويل: إلاّ، بغير، يصير المعنى نفي: إله، مغاير له، ولا يلزم من نفي مغاير الشيء إثباته هنا، فيعود الإشكال.
وأجيب بأن إثبات: الإله كان متفقًا عليه بين العقلاء، إلاّ أنهم كانوا يثبتون الشركاء والأنداد، فكان المقصود بهذه الكلمة نفي ذلك، وإثبات الإله من لوازم المعقول، سلمنا: أن لا إله إلا الله، دلّت على نفي سائر الآلهة، وعلى إثبات الإلهية لله تعالى، إلاّ أنها بوضع الشرع، لا بمفهوم أصل اللغة. اهـ.
وقد يجوز النصب على الاستثناء أو الصفة لاسم: لا إذا كانت بمعنى غير، لكن المسموع الرفع.
قال البيضاوي في آية ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آَلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ﴾ [الأنبياء: ٢٢] أي غير الله وصف: بإلاَّ، لما تعذر الاستثناء لعدم شمول ما قبلها لما بعدها ودلالته على ملازمة الفساد لكون الآلهة فيهما دونه.
والمراد ملازمته لكونها مطلقًا أو معه، حملاً لها على غير، كما استثنى: بغير، حملاً لها عليها. ولا يجوز الرفع على البدل لأنه متفرع على الاستثناء، ومشروط بأن يكون في كلام