داود، وإنها فصل الخطاب الذي أُوتيه، أو: يعرب بن قحطان، أو: كعب بن لؤي، أو: سحبان بن وائل، أو قس بن ساعدة، أو: يعقوب، عليه الصلاة والسلام أو غيرهم.
(قالت) أسماء: (ولغط نسوة من الأنصار) بفتح اللام والغين المعجمة والمهملة، ويجوز كسر الغين، وهو الأصوات المختلفة والجلبة (فانكفأت) أي: ملت بوجهي ورجعت (إليهنّ لأسكتهنّ، فقلت لعائشة: ما قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ (قالت: قال):
(ما من شيء) يصح أن يرى، لأن شيئًا: أعم العام، وقع في نفي، وبعض الأشياء لا تصح رؤيته لأنه قد خصّ، إذ ما من عام إلا وخص، إلا في نحو قوله: {وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [البقرة: ٢٨٢، النساء: ١٧٦، النور: ٣٥ و٦٤، الحجرات: ١٦، والتغابن: ١١].
والتخصيص يكون عقليًّا وعرفيًّا، فهنا خصصه العقل بما يصح، أو الحس كما في قوله تعالى: {وأُوتيت من كل شيء} أو العرف بما يليق إبصارها به مما يتعلق بأمر الدين والجزاء ونحو ذلك. نعم، يدخل في العموم أنه رأى الله.
و: ما نافية، و: من زائدة لتأكيد النفي، و: شيء اسم ما. والتالي، صفة لشيء، وهو قوله:
(لم كن أريته) بهمزة مضمومة قبل الراء (إلا قد) استثناء مفرغ. وكل مفرغ متصل، والتفريغ من الحال. أي: لم أكن أريته كائنًا في حالة من الحالات إلا حال رؤيتي إياه. ولأبي ذر: إلا وقد (رأيته). والرؤية هنا يحتمل أن تكون رؤية عين، بأن كشف الله تعالى له عن ذلك، ولا حاجب يمنع: كرؤيته المسجد الأقصى حتى وصفه لقريش، أو رؤية علم ووحي بإطلاعه وتعريفه من أمورها تفصيلاً بما لم يكن يعرفه قبل ذلك، (في مقامي هذا، حتى الجنة) مرئية، أو نصب على أن: حتى، عاطفة على الضمير المنصوب في رأيته، أو جرّ على أن: حتى، جارّة (والنار) عطف على الجنة (وإنّه قد أُوحي إليّ) بكسر همزة إن وضمها في: أوحي مبنيًّا لما لم يسم فاعله. (أنكم) بفتح الهمزة (تفتنون) أي تمتحنون (في القبور مثل -أو قريب) بغير ألف ولا تنوين، ولأبوي ذر والوقت، والأصيلي: قريبًا، بالتنوين (من فتنة المسيح الدجال. يؤتى أحدكم) بضم المثناة التحتية وفتح الفوقية من: يؤتى، مبنيًا لما لم يسم فاعله، وهو بيان: لتفتنون، ولذا لم يعطف (فيقال له: ما علمك بهذا الرجل) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ والخطاب للمفتون، وأفرده بعد أن قال: في قبوركم، بالجمع، لأن السؤال عن العلم يكون لكل أحد، وكذا الجواب:
(فأما المؤمن أو قال الموقن) أي المصدق بنبوّته عليه الصلاة والسلام، (شك هشام) أي ابن عروة (فيقول: هو رسول الله، هو محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، جاءنا بالبينات) المعجزات (والهدى) الموصل (فآمنا) به (وأجبنا) هـ (واتبعنا) هـ (وصدقنا) هـ (فيقال له: نم) نومًا (صالحًا) أي منتفعًا بأعمالك (قد كنا نعلم أن كنت لتؤمن به). أن مخففة من الثقيلة.
أي: أن الشأن كنت، وهي مكسورة، ودخلت اللام في: لتؤمن، للفرق بينها وبين أن النافية، ولأبوي ذر والوقت والأصيلي، وابن عساكر في نسخة: لمؤمنا به.
(وأما المنافق)، المظهر خلاف ما يبطن (أو قال المرتاب) وهو الشاك (شك هشام-) (فيقال له: ما علمك بهذا الرجل؟ فيقول: لا أدري! سمعت الناس يقولون شيئًا فقلت) ولأبي ذر عن الكشميهني: فقلته، بضمير النصب.
(قال هشام: فلقد قالت لي فاطمة) بنت المنذر (فأوعيته) أي أدخلته وعاء قلبي، ولأبي الوقت: وعيته، بغير همز على الأصل، يقال: وعيت العلم، أي: حفظته، وأوعيت المتاع. وللكشميهني، في اليونينية: وما وعيته (غير أنها ذكرت ما يغلظ عليه).
ورواة هذا الحديث ما بين: مروزي وكوفي ومدني، وفيه: التحديث والإخبار والعنعنة والقول، ورواية التابعية عن الصحابية، والصحابية عن التابعية.
٩٢٣ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ تَغْلِبَ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُتِيَ بِمَالٍ -أَوْ سَبْيٍ- فَقَسَمَهُ، فَأَعْطَى رِجَالاً وَتَرَكَ رِجَالاً. فَبَلَغَهُ أَنَّ الَّذِينَ تَرَكَ عَتَبُوا، فَحَمِدَ اللَّهَ ثُمَّ أَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ فَوَاللَّهِ إِنِّي لأُعْطِي الرَّجُلَ وَأَدَعُ الرَّجُلَ وَالَّذِي أَدَعُ أَحَبُّ إِلَىَّ مِنَ الَّذِي أُعْطِي، وَلَكِنْ أُعْطِي أَقْوَامًا لِمَا أَرَى فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الْجَزَعِ وَالْهَلَعِ، وَأَكِلُ أَقْوَامًا إِلَى مَا جَعَلَ اللَّهُ فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الْغِنَى وَالْخَيْرِ، فِيهِمْ عَمْرُو بْنُ تَغْلِبَ" فَوَاللَّهِ مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي بِكَلِمَةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حُمْرَ النَّعَمِ. تَابَعَهُ يُونُسُ. [الحديث ٩٢٣ - طرفاه في: ٣١٤٥، ٧٥٣٥].
وبه قال: (حدّثنا محمد بن معمر) بفتح الميمين وبينهما عين مهملة ساكنة، البصري القيسي، المعروف بالبحراني (قال: حدّثنا أبو عاصم) الضحاك بن مخلد النبيل (عن جرير بن حازم) بفتح الجيم وبالراءين في الأوّل، والحاء المهملة والزاي في الثاني (قال: سمعت الحسن) البصري (يقول: حدّثنا عمرو بن تغلب) بفتح العين وسكون الميم في الأوّل، وبفتح المثناة الفوقية ثم غين معجمة ساكنة غلام مكسورة فموحدة، غير مصروف، العبدي التميمي البصري، رضي الله عنه،