يمينه، كما لو أقسم يفارقك حتى تفعل كذا وكذا، وأنت تستطيع فعله، كيلا تحنث يمينه، وهو خاص فيما يجعل من مكارم الأخلاق، فإن ترتب على تركه مصلحة فلا، ولذا قال، عليه الصلاة والسلام، لأبي بكر في قصة تعبير الرؤيا: "لا تقسم". حين قال: أقسمت عليك يا رسول الله لتخبرني بالذي أصبت.
(ورد السلام) وهو فرض كفاية عند مالك والشافعي، فإن انفرد المسلم عليه تعين عليه.
(وتشميت العاطس) إذا حمد الله، بالشين المعجمة والمهملة في: تشميت، والمعجمة أعلاهما مشتق من الشوامت وهي القوائم، كأنه دعا بالثبات على طاعة الله، فيقول: يرحمك الله، وهو سنة على الكفاية.
(ونهانا عن آنية الفضة) وفي رواية: عن سبع: آنية الفضة، بالجر بدل من سبع وبالرفع خبر مبتدأ محذوف، -أي: آنية الفضة، وهي حرام على العموم للسرف والخيلاء.
(و) عن (خاتم الذهب) وهو حرام أيضًا (و) عن (الحرير) وهو حرام على الرجال دون النساء كسابقه، فإطلاق النهي مع كونهن يباح لهن بعضها، دخله التخصيص بدليل آخر، كحديث: "هذان، أي: الذهب والحرير- حرام على ذكور أمتي، حل لإناثها".
(و) عن (الديباج) الثياب المتخذة من الإبريسم (و) عن (القسي) بقاف مفتوحة فسين مهملة مشددة مكسورة، وفسرت في كتاب اللباس: بأنها ثياب يؤتى بها من الشام أو مصر، مضلعة، فيها حرير أمثال الأترج، أو كتان مخلوط بحرير وقيل من القز، وهو رديء الحرير (و) عن (الإستبرق) بكسر الهمزة غليظ الديباج.
وسقط من هذا الحديث الخصلة السابعة، وهي: ركوب المياثر، بالمثلثة. وقد ذكرها في: الأشربة واللباس، وهي الوطاء يكون على السرج من حرير أو صوف أو غيره، لكن الحرمة متعلقة بالحرير، كما سيأتي في بابه إن شاء الله تعالى.
وذكر الثلاثة بعد الحرير من باب ذكر الخاص بعد العام اهتمامًا بحكمها، أو دفعًا لتوهم أن اختصاصها باسم يخرجها عن حكم العام، أو أن العرف فرق أسماءها لاختلاف مسمياتها، فربما توهم متوهم أنها غير الحرير.
فإن قلت: قد تعمل من غير الحرير مما يحل، فما وجه النهي؟.
أجيب: بأن النهي قد يكون للكراهة، كما أن المأمورات بعضها للوجوب وبعضها للندب. وإطلاق النهي فيها استعمال للفظ في حقيقته ومجازه، وهو جائز عند الشافعي، ومن يمنع ذلك يجعله لقدر مشترك بينهما مجازًا. ويسمى بعموم المجاز.
فإن قيل: كيف يقول الشافعي ذلك مع أن شرط المجاز أن يكون معه قرينة تصرفه عن الحقيقة؟.
قيل: المراد قرينة تقتضي إرادة المجاز أو أن يصرف عن الحقيقة أوّلاً، وقد جوّزوا في الكناية نحو: الرماد، إرادة المعنى الأصلي مع إرادة لازمه، فكذا المجاز.
ورواة الحديث ما بين: بصري وواسطي وكوفي، وفيه: التحديث والسماع والقول، وأخرجه أيضًا في: المظالم واللباس والطب والنذور والنكاح والاستئذان والأشربة.
ومسلم في: الأطعمة، والترمذي في الاستئذان واللباس، والنسائي في الجنائز والإيمان والنذور والزينة، وابن ماجة في: الكفارات واللباس.
١٢٤٠ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ "حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ خَمْسٌ: رَدُّ السَّلَامِ، وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ، وَاتِّبَاعُ الْجَنَائِزِ، وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ، وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ".
تَابَعَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ. وَرَوَاهُ سَلَامَةُ عَنْ عُقَيْلٍ.
وبه قال: (حدّثنا محمد) هو الذهلي، كما قال الكلاباذي قال: (حدّثنا عمرو بن أبي سلمة) بفتح اللام التنيسي (عن الأوزاعي) عبد الرحمن بن عمرو، (قال: أخبرني) بالإفراد (ابن شهاب) الزهري (قال أخبرني) بالإفراد أيضًا (سعيد بن المسيب) بفتح المثناة التحتية المشدّدة (أن أبا هريرة، رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، يقول):
(حق المسلم على المسلم خمس) يعم وجوب العين، والكفاية، والندب: (رد السلام، وعيادة المريض، واتباع الجنائز، وإجابة الدعوة) بفتح الدال (وتشميت العاطس)، إذا حمد، ويستوي في هذه الخمس جميع المسلمين: برّهم وفاجرهم، وعطف المندوب على الواجب سائغ إن دل عليه القرينة، كما يقال: صم رمضان وستًا من شوّال، وزاد مسلم، في رواية سادسة: وإذا استنصحك فانصح له.
(تابعه) أي: تابع عمرو بن أبي سلمة (عبد الرزاق) بن همام (قال: أخبرنا معمر) هو: ابن راشد، وهذه المتابعة ذكرها مسلم.
(ورواه سلامة) بتخفيف اللام، ولأبي ذر: سلامة بن روح، بفتح الراء ابن خالد (عن عقيل) بضم العين وفتح القاف: ابن خالد، وهو عم سلامة السابق.