وَسَلَّمَ-، (فأخرج) من قبره (فوضعه) عليه الصلاة والسلام (على ركبتيه) بالتثنية (ونفث عليه) وللحموي والمستملي: ونفث فيه (من ريقه). والنفث، بالمثلثة شبيه بالنفخ. وهو أقل من التفل، قاله في الصحاح، والمحكم، زاد ابن الأثير في نهايته: لأن التفل لا يكون إلا ومعه شيء من الريق، وقيل: هما سواء أي: يكون معهما ريق. (وألبسه قميصه، فالله أعلم). وفي نسخة: والله أعلم، بالواو، جملة معترضة: أي فالله أعلم بسبب إلباس رسول الله، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، إياه قميصه، لأن مثل هذا لا يفعل إلا مع مسلم. وقد كان يظهر من عبد الله هذا ما يقتضي خلاف ذلك، لكنه عليه الصلاة والسلام، اعتمد ما كان يظهر منه من الإسلام، وأعرض عما كان يتعاطاه، مما يقتضي خلاف ذلك. حتى نزل قوله تعالى: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا} [التوبة: ٨٤] كما سبق.
(وكان) عبد الله (كسا عباسًا) عم النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (قميصًا) وللكشميهني: قميصه لما أسر في بدر، ولم يجدوا له قميصًا يصلح له، لأنه كان طويلاً، إلا قميص ابن أبي.
(قال سفيان) بن عيينة (وقال أبو هريرة) كذا في كثير من الروايات، ومستخرج أبي نعيم وهو تصحيف، وفي رواية أبي ذر وغيرها: وقال أبو هارون، وهو كذلك عند الحميدي، في الجمع بين الصحيحين، وجزم المزي بأنه: موسى بن أبي عيسى الحناط، بمهملة ونون المدني الغفاري، واسم أبيه: ميسرة، وقمِل: هو الغنوي، واسمه إبراهيم بن العلاء من شيوخ البصرة، وكلاهما من أتباع التابعين. فالحديث معضل.
(وكان على رسول الله، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قميصان. فقال له) أي للنبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (ابن عبد الله) هو عبد الله أيضًا، سماه به النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وكان اسمه: الحباب: (يا رسول الله، ألبس) بفتح الهمزة وكسر الموحدة (أبي) عبد الله بن أبي (قميصك الذي يلي جلدك).
(قال سفيان) بن عيينة مما وصله المؤلّف في كسوة الأسارى من أواخر الجهاد: (فيرون) بضم المثناة التحتية (أن النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ألبس عبد الله) بن أبي (قميصه مكافأة) بغير همزة في اليونينية (لما صنع) مع عمه العباس، فجازاه من جنس فعله.
١٣٥١ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ -رضي الله عنه- قَالَ: "لَمَّا حَضَرَ أُحُدٌ دَعَانِي أَبِي مِنَ اللَّيْلِ فَقَالَ: مَا أُرَانِي إِلَاّ مَقْتُولاً فِي أَوَّلِ مَنْ يُقْتَلُ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَإِنِّي لَا أَتْرُكُ بَعْدِي أَعَزَّ عَلَىَّ مِنْكَ، غَيْرَ نَفْسِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. وَإِنَّ عَلَىَّ دَيْنًا، فَاقْضِ، وَاسْتَوْصِ بِأَخَوَاتِكَ خَيْرًا. فَأَصْبَحْنَا، فَكَانَ أَوَّلَ قَتِيلٍ، وَدُفِنَ مَعَهُ آخَرُ فِي قَبْرٍ، ثُمَّ لَمْ تَطِبْ نَفْسِي أَنْ أَتْرُكَهُ مَعَ الآخَرِ فَاسْتَخْرَجْتُهُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، فَإِذَا هُوَ كَيَوْمِ وَضَعْتُهُ هُنَيَّةً، غَيْرَ أُذُنِهِ". [الحديث ١٣٥١ - طرفه في: ١٣٥٢].
وبه قال: (حدّثنا مسدد) هو: ابن مسرهد قال: (أخبرنا) ولأبي الوقت: حدّثنا (بشر بن المفضل) بكسر الموحدة، وسكون المعجمة في الأول، وضم الميم وفتح الفاء وتشديد الضاد المعجمة في الآخر، قال: (حدّثنا حسين المعلم عن عطاء) هو: ابن أبي رباح (عن جابر) هو: ابن عبد الله (رضي الله عنه) كذا أخرجه المؤلّف: عن مسدد، عن بشر بن المفضل، عن حسين. إلا أبا علي بن السكن وحده، فإنه قال في روايته: عن شعبة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن جابر.
وأخرجه أبو نعيم من طريق أبي الأشعث، عن بشر بن المفضل، فقال: سعيد بن يزيد عن أبي نضرة، عن جابر. وقال بعده: ليس أبو نضرة من شرط البخاري. قال: وروايته عن حسين، عن عطاء عزيزة جدًّا وأخرجه أبو داود، وابن سعد، والحاكم، والطبراني من طريقه، عن أبي نضرة عن جابر. وأبو نضرة هو: المنذر بن مالك العبدي. ولفظ رواية أبي داود: حدّثنا سليمان بن حرب، حدّثنا حماد بن زيد، عن سعيد بن يزيد، عن أبي نضرة، عن جابر، قال: دفن مع أبي رجل، وكان في نفسي من ذلك حاجة، فأخرجته بعد سبعة أشهر، فما أنكرت منه شيئًا إلا شعرات كن في لحيته مما يلي الأرض.
(قال) جابر:
(لما حضر أحد) أي: وقعته في سنة ثلاث من الهجرة (دعاني أبي) عبد الله (من الليل، فقال: ما أراني) بضم الهمزة، أي: ما أظنني، أي ما أظن نفسي (إلا مقتولاً في أول من يقتل من أصحاب النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-)، وفي المستدرك للحاكم، عن الواقدي: أن سبب ظنه ذلك منام رآه، وذلك أنه رأى مبشر بن عبد المنذر، وكان ممن استشهد ببدر يقول له: أنت قادم علينا في هذه الأيام، فقصها على النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فقال هذه شهادة. (وإني لا أترك بعدي أعز علي منك، غير نفس رسول الله، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فإن علي) بالفاء، ولأبوي ذر، والوقت، وإن علي (دينًا فاقض) بحذف ضمير المفعول وفي رواية الحاكم: فاقضه، (واستوص) أي: اطلب الوصية (بأخواتك خيرًا) وكان له تسع أخوات (فأصبحنا، فكان)