للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عمر وخبأ له رسول الله

﴿يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ﴾ [الدخان: ١٠].

(فقال عمر) بن الخطاب، (: دعني يا رسول الله أضرب عنقه) بجزم أضرب، كما في الفرع جواب الطلب، ويجوز الرفع (فقال النبي، ).

(إن يكنه) كذا للكشميهني: يكنه. بوصل الضمير، وهو خبر كان وضع موضع المنفصل، واسمها مستتر فيه، للباقين إن يكن هو، بانفصاله. وهو الصحيح، لأن المختار في خبر كان الانفصال. تقول: كان إياه، وهذا هو الذي اختاره ابن مالك في التسهيل، وشرحه تبعًا لسيبويه، واختار في ألفيته الاتصال. وعلى رواية الفصل، فلفظ: هو، توكيد للضمير المستتر، وكان تامة أو وضع: هو، موضع إياه، أي: إن يكن إياه. وفي مرسل عروة، عند الحرث بن أبي أسامة: إن يكن هو الدجال (فلن تسلط عليه) بالجزم في الفرع، على لغة من يجزم لن. كما مر وفي غيره بالنصب على الأصل. وفي حديث جابر: فلست بصاحبه، إنما صاحبه عيسى ابن مريم (وإن لم يكنه، فلا خير لك في قتله).

فإن قلت: لِمَ لم يأذن في قتله مع ادعائه النبوة بحضرته؟

أجيب: بأنه كان غير بالغ، أو من جملة أهل العهد، وأنه لم يصرح بدعوى النبوة، وإنما أوهم أنه يدّعي الرسالة، ولا يلزم من دعوى الرسالة دعوى النبوّة، قال الله تعالى: ﴿أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ﴾ الآية [مريم: ٨٣].

وقد اختلف في أن المسيح الدجال هو: ابن صياد، أو غيره. ويأتي البحث في ذلك، إن شاء الله تعالى في محله. والنافي لكونه هو، يحتج: بأن ابن صياد أسلم، وولد له، ودخل مكة والمدينة، ومات بالمدينة. وأنهم لما أرادوا الصلاة عليه كشفوا عن وجهه حتى رآه الناس، والله أعلم.

ورواة هذا الحديث ما بين: مروزي وأيلي ومدني، وفيه: رواية تابعي عن تابعي عن صحابي، والتحديث والإخبار، والعنعنة، والقول. وأخرجه أيضًا في: بدء الخلق وأحاديث الأنبياء. ومسلم في: الفتن.

١٣٥٥ - وَقَالَ سَالِمٌ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: "انْطَلَقَ بَعْدَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ وَأُبَىُّ بْنُ كَعْبٍ إِلَى النَّخْلِ الَّتِي فِيهَا ابْنُ صَيَّادٍ، وَهُوَ يَخْتِلُ أَنْ يَسْمَعَ مِنِ ابْنِ صَيَّادٍ شَيْئًا قَبْلَ أَنْ يَرَاهُ ابْنُ صَيَّادٍ، فَرَآهُ النَّبِيُّ وَهُوَ مُضْطَجِعٌ، يَعْنِي فِي قَطِيفَةٍ لَهُ فِيهَا رَمْزَةٌ، أَوْ زَمْرَةٌ -فَرَأَتْ أُمُّ ابْنِ صَيَّادٍ رَسُولَ اللَّهِ وَهُوَ يَتَّقِي بِجُذُوعِ النَّخْلِ، فَقَالَتْ لاِبْنِ صَيَّادٍ: يَا صَافِ -وَهْوَ اسْمُ ابْنِ صَيَّادٍ- هَذَا مُحَمَّدٌ ، فَثَارَ ابْنُ صَيَّادٍ. فَقَالَ النَّبِيُّ : لَوْ تَرَكَتْهُ بَيَّنَ". وَقَالَ شُعَيْبٌ فِي حَدِيثِهِ:

فَرَفَصَهُ. رَمْرَمَةٌ، أَوْ زَمْزَمَةٌ. وَقَالَ وعُقَيلٌ: رَمْرَمَةٌ. وَقَالَ مَعْمَرٌ: رَمْزَةٌ.

[الحديث ١٣٥٥ - أطرافه في: ٢٦٣٨، ٣٠٣٣، ٣٠٥٦، ٦١٧٤].

(وقال سالم) أي: ابن عبد الله بن عمر، بالإسناد الأول: (سمعت ابن عمر، ، يقول): ثم (انطلق بعد ذلك رسول الله ،) أي: بعد انطلاقه هو وعمر في رهط (وأبي بن كعب) معه (إلى النخل التي فيها ابن صياد، وهو) أي: والحال أنه (يختل) بفتح المثناة التحتية وسكون الخاء المعجمة وكسر الفوقية، أي: يستغفل (أن يسمع من ابن صياد شيئًا) من كلامه الذي يقوله في خلوته، ليعلم هو وأصحابه أهو كاهن أو ساحر؟ (قبل أن يراه ابن صياد، فرآه النبي ، وهو مضطجع) الواو للحال. (يعني في قطيفة) كساء له خمل، وسقط: يعني في قطيفة، لأبي ذر، الله) أي: لابن صياد (فيها) أي: في القطيفة (رمزة) براء مهملة مفتوحة فميم ساكنة فزاي معجمة (أو زمرة) بالزاي المعجمة ثم الراء المهملة بعد الميم، على الشك في تقديم أحدهما على الآخر ولبعضهم: رمرمة أو زمزمة على الشك، هل هو: براءين مهملتين، أو: بزاءين معجمتين، مع زيادة ميم فيهما. ومعناها كلها متقارب. فالأولى من الرمز وهو الإشارة، والثانية من المزمار، والتي، بالمهملتين والميمين، فأصله من الحركة، وهي هنا بمعنى: الصوت الخفي. وكذا التي بالمعجمتين. وفي القاموس: أنه تراطن العلوج على أكلهم وهم صموت لا يستعملون لسانًا ولا شفة، لكنه صوت تديره في خياشيمها وحلوقها، فيفهم بعضها عن بعض.

(فرأت أم ابن صياد رسول الله ، وهو) أي والحال أنه (يتقي) أي: يخفي نفسه (بجذوع النخل) بضم الجيم والذال المعجمة، حتى لا تراه أم ابن صياد (فقالت لابن صياد) أمه: (يا صاف) بصاد مهملة وفاء مكسورة (-وهو: اسم ابن صياد- هذا محمد فثار ابن صياد) بالثاء المثلثة والراء آخره، أي: نهض من مضجعه بسرعة، وللكشميهني: فثاب، بالموحدة بدل الراء، أي: رجع عن الحالة التي كان فيها (فقال النبي، : لو تركته) أمه ولم تعلمه بمجيئنا (بين) أي: أظهر لنا من حاله ما نطلع به على حقيقة أمره.

(وقال شعيب) هو: ابن أبي حمزة الحمصي، مما وصله المؤلّف في: الأدب (في حديثه: فرفصه) بفاء بعد الراء

<<  <  ج: ص:  >  >>