لكنه لم يعرف له رواية عن صحابي.
(أنه حدثه أنه رأى قبر النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، مسنمًا) بضم الميم وتشديد النون المفتوحة. أي: مرتفعًا: زاد أبو نعيم في مستخرجه: وقبر أبي بكر، وعمر كذلك. واستدلّ به على أن المستحب تسنيم القبور، وهو قول أبي حنيفة، ومالك، وأحمد، والمزني وكثير من الشافعية.
وقال أكثر الشافعية، ونص عليه الشافعي: التسطيح أفضل من التسنيم، لأنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سطح قبر إبراهيم، وفعله حجة لا فعل غيره، وقول سفيان التمار لا حجة فيه، كما قال البيهقي: لاحتمال أن قبره -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وقبري صاحبيه، لم تكن في الأزمنة الماضية مسلمة.
وقد روى أبو داود بإسناد صحيح، أن القاسم بن محمد بن أبي بكر، قال: دخلت على عائشة فقلت لها: اكشفي لي عن قبر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وصاحبيه. فكشفت عن ثلاثة قبور لا مشرفة ولا لاطئة، مبطوحة ببطحاء العرصة الحمراء، أي: لا مرتفعة كثيرًا، ولا لاصقة بالأرض. كما بينه في آخر الحديث. يقال لطئ بكسر الطاء، ولطأ بفتحها، أي: لصق. ولا يؤثر في أفضلية التسطيح كونه صار شعارًا للروافض، لأن السنة لا تترك بموافقة أهل البدع فيها، ولا يخالف ذلك قول علي، رضي الله عنه: أمرني رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن لا أدع قبرًا مشرفًا إلا سويته، لأنه لم يرد تسويته بالأرض، وإنما أراد تسطيحه جمعًا بين الأخبار. نقله في المجموع عن الأصحاب.
١٣٩١ - حَدَّثَنَا فَرْوَةُ حَدَّثَنَا عَلِيٌّ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ لَمَّا سَقَطَ عَلَيْهِمُ الْحَائِطُ فِي زَمَانِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ أَخَذُوا فِي بِنَائِهِ، فَبَدَتْ لَهُمْ قَدَمٌ. فَفَزِعُوا وَظَنُّوا أَنَّهَا قَدَمُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَمَا وَجَدُوا أَحَدًا يَعْلَمُ ذَلِكَ حَتَّى قَالَ لَهُمْ عُرْوَةُ: لَا وَاللَّهِ، مَا هِيَ قَدَمُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، مَا هِيَ إِلَاّ قَدَمُ عُمَرَ -رضي الله عنه-.
وبه قال: (حدّثنا) بالجمع، ولأبوي: ذر، والوقت، حدّثني (فروة) بفتح الفاء وسكون الراء: ابن أبي المغراء، بفتح الميم وسكون الغين المعجمة آخره راء، يمد ويقصر، قال: (حدّثنا علي) ولأبي ذر: علي بن مسهر، بضم الميم وسكون السين المهملة وكسر الهاء (عن هشام بن عروة عن أبيه) عروة بن الزبير، قال:
(لما سقط عليهم) ولأبي ذر، عن الحموي والكشميهني: عنهم (الحائط) أي: حائط حجر
عائشة، رضي الله عنها، (في زمان) إمرة (الوليد بن عبد الملك) بن مروان، حين أمر عمر بن عبد العزيز برفع القبر الشريف، حتى لا يصلّي إليه أحد، إذان الناس يصلون إليه (أخذوا في بنائه فبدت) أي: ظهرت (لهم قدم) بساق وركبة، كما رواه: أبو بكر الآجري، من طريق شعيب بن إسحاق، عن هشام: في القبر لا خارجه (ففزعوا، وظنوا أنها قدم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-)، وفي رواية أخرى: ففزع عمر بن عبد العزيز. (فما وجدوا أحدًا يعلم ذلك، حتى قال لهم عروة: لا والله ما هي قدم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ما هي إلا قدم عمر، رضي الله عنه). وعند الآجري: هذا ساق عمر وركبته، فسري عن عمر بن عبد العزيز.
١٣٩١ م - وَعَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- أَنَّهَا أَوْصَتْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ -رضي الله عنهما-: لَا تَدْفِنِّي مَعَهُمْ، وَادْفِنِّي مَعَ صَوَاحِبِي بِالْبَقِيعِ، لَا أُزَكَّى بِهِ أَبَدًا. [الحديث ١٣٩١ - طرفه في: ٧٤٢٧].
(وعن هشام، عن) عروة بن الزبير، بالسند المذكور، وأخرجه المؤلّف في: الاعتصام وجه آخر، عن هشام، (عن أبيه عن عائشة، رضي الله عنها).
(أنها أوصت) ابن أختها أسماء (عبد الله بن الزبير) رضي الله عنهما: (لا تدفني معهم) مع: النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وصاحبيه (وادفني مع صواحبي) أمهات المؤمنين (بالبقيع) زاد الإسماعيلي، من طريق عبدة، عن هشام: وكان في بيتها موضع قبرها. (لا أزكى) بضم الهمزة وفتح الزاي والكاف، مبنيًّا للمفعول، أي: لا يُثنى علي (به) أي: بسبب الدفن معهم (أبدًا) حتى يكونا لي بذلك مزية وفضل، وأنا في نفس الأمر يحتمل أن لا أكون كذلك.
وهذا الحديث من قوله: وعن هشام إلى آخر قوله: أبدًا، ضبب عليه في اليونينية، وثبت في غيرها.
١٣٩٢ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ حَدَّثَنَا حُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ الأَوْدِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ -رضي الله عنه- قَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، اذْهَبْ إِلَى أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- فَقُلْ: يَقْرَأُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَلَيْكِ السَّلَامَ، ثُمَّ سَلْهَا أَنْ أُدْفَنَ مَعَ صَاحِبَىَّ. قَالَتْ: كُنْتُ أُرِيدُهُ لِنَفْسِي، فَلأُوثِرَنَّهُ الْيَوْمَ عَلَى نَفْسِي. فَلَمَّا أَقْبَلَ قَالَ لَهُ: مَا لَدَيْكَ؟ قَالَ: أَذِنَتْ لَكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. قَالَ: مَا كَانَ شَىْءٌ أَهَمَّ إِلَىَّ مِنْ ذَلِكَ الْمَضْجَعِ، فَإِذَا قُبِضْتُ فَاحْمِلُونِي، ثُمَّ سَلِّمُوا، ثُمَّ قُلْ: يَسْتَأْذِنُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَإِنْ أَذِنَتْ لِي فَادْفِنُونِي، وَإِلَاّ فَرُدُّونِي إِلَى مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ، إِنِّي لَا أَعْلَمُ أَحَدًا أَحَقَّ بِهَذَا الأَمْرِ مِنْ هَؤُلَاءِ النَّفَرِ الَّذِينَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ، فَمَنِ اسْتَخْلَفُوا بَعْدِي فَهُوَ الْخَلِيفَةُ فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا. فَسَمَّى عُثْمَانَ وَعَلِيًّا وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ وَسَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ. وَوَلَجَ عَلَيْهِ شَابٌّ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالَ: أَبْشِرْ يَا أَمِيرَ
الْمُؤْمِنِينَ بِبُشْرَى اللَّهِ: كَانَ لَكَ مِنَ الْقَدَمِ فِي الإِسْلَامِ مَا قَدْ عَلِمْتَ، ثُمَّ اسْتُخْلِفْتَ فَعَدَلْتَ، ثُمَّ الشَّهَادَةُ بَعْدَ هَذَا كُلِّهِ. فَقَالَ: لَيْتَنِي يَا ابْنَ أَخِي وَذَلِكَ كَفَافًا لَا عَلَىَّ وَلَا لِي. أُوصِي الْخَلِيفَةَ مِنْ بَعْدِي بِالْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ خَيْرًا، أَنْ يَعْرِفَ لَهُمْ حَقَّهُمْ، وَأَنْ يَحْفَظَ لَهُمْ حُرْمَتَهُمْ. وَأُوصِيهِ بِالأَنْصَارِ خَيْرًا، الَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ أَنْ يُقْبَلَ مِنْ مُحْسِنِهِمْ وَيُعْفَى عَنْ مُسِيئِهِمْ. وَأُوصِيهِ بِذِمَّةِ اللَّهِ وَذِمَّةِ رَسُولِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يُوفَى لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ وَأَنْ يُقَاتَلَ مِنْ وَرَائِهِمْ، وَأَنْ لَا يُكَلَّفُوا فَوْقَ طَاقَتِهِمْ". [الحديث ١٣٩٢ - أطرافه في: ٣٠٥٢، ٣١٦٢، ٣٧٠٠، ٤٨٨٨، ٧٢٠٧].
وبه قال: (حدّثنا قتيبة) بن سعيد، قال: (حدّثنا جرير بن عبد الحميد) بن قرط، بضم القاف وسكون الراء آخره طاء مهملة، الضبي الكوفي، نزيل الريّ قال: (حدّثنا حصين بن عبد الرحمن) السلمي (عن عمرو بن ميمون) بفتح العين (الأودي) بفتح الهمزة وسكون الواو وبالدال المهملة (قال: أرأيت عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، قال:) لابنه، بعد أن طعنه أبو لؤلؤة العلج، بالسكين، الطعنة التي مات بها (يا عبد الله بن عمر، اْذهب إلى أم المؤمنين عائشة، رضي الله عنها، فقل: يقرأ عمر بن الخطاب عليك السلام، ثم سلها أن أدفن مع صاحبيَّ) بفتح الموحدة وتشديد الياء، مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وأبي بكر، رضي الله عنه، زاد في مناقب عثمان: فسلم