للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يا رسول الله أنؤاخذ بما عملنا في الجاهلية؟ قال: "من أحسن في الإسلام لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية، ومن أساء في الإسلام أوخذ بالأول والآخر" فهذا مقيد، والحديث الأول مطلق، وحمل المطلق على المقيد واجب، فهدم الإسلام ما كان قبله مشروط بالإحسان.

قوله: (يجبّ ما قبله) أي يقطعه، والمراد أنه يذهب أثر المعاصي التي قارفها حال كفره، وأما الطاعات التي أسلفها قبل إسلامه فلا يجبّها لحديث حكيم بن حزام عند مسلم (١) وغيره (٢): "أنّه قال لرسول الله : أرأيت أمورًا كنت أتحنّث بها في الجاهلية، هل لي فيها من شيء؟ فقال له رسول الله : "أسْلمْتَ على ما أسْلَفْتَ مِنْ خَيْرٍ"، وقد قال المازري (٣): إنه لا يصح تقرّب الكافر فلا يثاب على العمل الصالح الصادر منه حال شركه، لأن من شرط المتقرّب أن يكون عارفًا بما تقرب إليه، والكافر ليس كذلك، وتابعه القاضي عياض (٤) على تقرير هذا الإشكال.

قال في الفتح: واستضعف ذلك النووي (٥) فقال: الصواب الذي عليه المحقّقون، بل [بعضهم نقل] (٦) الإجماع فيه أن الكافر إذا فعل أفعالًا جميلة كالصدقة وصلة الرحم، ثم أسلم ومات على الإسلام أن ثواب ذلك يكتب له.


(١) رقم (١٩٤/ ١٢٣).
(٢) كالإمام البخاري في "صحيحه" رقم (١٤٣٦).
(٣) في "المعلم بفوائد مسلم" (١/ ٢٠٦ - ٢٠٧).
(٤) في "إكمال المعلم بفوائد مسلم" للقاضي عياض (١/ ٤١٥ - ٤١٦).
(٥) في شرحه لصحيح مسلم (٢/ ١٤١).
(٦) في (أ) و (جـ): (نقل بعضهم).

<<  <  ج: ص:  >  >>