للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لأنَّه تمليك فلا يصح أن يتملكه لنفسه من نفسه كالبيع والهبة، ولقوله : "سبِّل الثمرة"، وتسبيل الثمرة: تمليكها للغير.

قال في الفتح (١): وتعقب بأن امتناع ذلك غير مستحيل، ومنعه تمليكه لنفسه إنما هو لعدم الفائدة، والفائدة في الوقف حاصلة؛ لأنَّ استحقاقه إياه ملكًا غير استحقاقه إياه وقفًا. اهـ.

ويؤيد صحة الوقف على النفس حديث الرجل الذي قال للنبي : "عندي دينار، فقال: تصدق به على نفسك"، أخرجه أبو داود (٢) والنسائي (٣)، وأيضًا المقصود من الوقف تحصيل القربة وهي حاصلة بالصرف إلى النفس.

[[الباب الثاني] باب وقف المشاع والمنقول]

٤/ ٢٥٠٧ - (عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قالَ عُمَرُ للنَّبِيِّ : إنَّ المِائَةَ السَّهْمَ الَّتِي لِي


= قال ابنُ الصباغ: وإليه ذهبَ أبو العبَّاسِ، وأبو عبدِ اللهِ الزبيري من أصحابنا؛ لِما روىَ: أن عمرَ لما وقفَ قال: "لا بأسَ على مَنْ وليَها أن ياكلَ منها غيرَ متأثِّلٍ مالًا". فجعلَ لمن يليها أنْ يأكلَ منها. وقد يليَها الواقفُ وغيرُهُ. وقد كانت بيدِهِ إلى أن مات.
ورويَ: أن عثمانَ لمَّا وقفَ بئرَ رومةَ قال: "دلوي منها كدلاء المسلمين" - صحيح تقدم برقم (٢٥٠٦) من كتابنا هذا - ولأنَّ الوقفَ وقفانِ: وقفٌ خاصٌّ، ووقِفٌ عامٌّ. ثمَّ ثبتَ: أن الوقفَ العامَ له فيهِ حظٌّ، وهو: إذا وقفَ مسجدًا أو سِقايةً .. فإنَّ لَه أَنْ يصلِّيَ في المسجدِ، ويشربَ من السقايةِ، فكذلكَ في الوقفِ الخاصِّ.
ودليلُنا: أنَّ الوقفَ تمليكٌ للرقَبةِ والمنفعةِ، فلا يجوزُ أنْ يُملِّكَ نفسَهُ مِنْ نفسِهِ، كما لا يجوزُ ذلك في البيعِ والهبة.
وأمَّا حديثُ عمر: فمحمولٌ على أنَّه شرطَ ذلكَ لغيرِهِ.
وأمَّا حديثُ عثمان: فلأن ذلكَ وقفٌ عامٌّ، وهو يدخلُ في العامّ من غيرِ شرط.
إذا ثبت هذا، وأنَّ وقفَهُ على نفسِهِ لا يصحُّ: فإنَّه يكونُ وَقفًا منقطعَ الابتداءِ متّصلَ الانتهاءِ، على ما يأتي بيانُهُ". اهـ.
(١) (٥/ ٤٠٤).
(٢) في سننه رقم (١٦٩١).
(٣) في سننه رقم (٢٥٣٥).
كلاهما من حديث أبي هريرة، وهو حديث حسن.

<<  <  ج: ص:  >  >>