[الباب الثاني والخمسون] باب ما جاءَ في فتح مكة، هل هُوَ عنوةٌ أو صلحٌ؟
٢١٢/ ٣٤٤٤ - (عَنْ أبي هُرَيْرَةَ أنَّه ذَكَرَ فَتْحَ مَكةَ فَقالَ: أقْبَلَ رَسُولُ الله ﷺ، فَدَخَلَ مَكَّةَ فَبَعَثَ الزُّبَيرَ على إحْدَى المُجَنَّبتَيْنِ وَبَعَثَ خالِدًا على المُجَنَّبةِ الأُخْرَى، وَبَعَثَ أبا عُبَيْدَةَ على الحُسَّرِ فأخَذُوا بَطْنَ الوَادِي، وَرَسُولُ الله ﷺ فِي كَتِيبَتِهِ، قالَ: وَقَدْ وَبَّشَتْ قُرَيْشٌ أوَباشَها، وَقالُوا: نُقَدّمُ هَؤلاء، فإنْ كانَ لَهُمْ شَىْءٌ كُنَّا مَعَهُمْ، وَإنْ أُصِيبُوا أعْطَيْنا الذِي سُئِلْنا، قالَ أبُو هُرَيْرَةَ: فَفَطِنَ فَقالَ لي: "يا أبا هُرَيْرَةَ"، قُلْتُ: لَبَّيْكَ يا رَسُولَ الله، قالَ: "اهْتِفْ لي بالأنْصَارِ وَلا يأتِيني إلَّا أنْصَارِيّ"، فَهَتَفَ بِهِمْ فَجاءُوا فَطافُوا بِرَسُولِ الله ﷺ، فَقالَ: "تَرَوْنَ إلى أوْباشِ قُرَيْشٍ وأتْباعِهِمْ"، ثُمَّ قالَ بِيَدَيه إحْدَاهُمَا على الأُخْرَى: "احْصُدُوهُمْ حَصْدًا حتَّى تُوافُونِي بالصَّفا".
قالَ أبُو هُرَيْرَةَ: فانطَلَقنا فَمَا يَشاءُ أحَدٌ مِنَّا أنْ يَقتُلَ مِنهُمْ ما شاءَ إلَّا قَتَلَهُ، وَما أحَدٌ منْهُمْ يُوَجِّهُ إلَيْنا شَيْئًا، فَجاءَ أبُو سُفيانَ فَقالَ: يا رَسُولَ الله أُبِيدَتْ خَضْرَاءُ قُرَيْشٍ لا قُرَيْشَ بَعْدَ اليَوْمِ، فَقالَ رَسُولُ الله ﷺ: "مَنْ أغْلَقَ بابَهُ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ دَخَلَ دَارَ أبي سُفْيانَ فَهُوَ آمِنٌ"، فأغْلَقَ النَّاسُ أبْوَابَهُمْ، فأقْبَلَ رَسُولُ الله ﷺ إلى الحَجَرِ فاسْتَلَمَه، ثمَّ طافَ بالبَيْتِ وفِي يَدِهِ قَوْسٌ وَهُوَ آخِذٌ بِسِيَةِ القَوْسِ فأتى في طَوَافِهِ على صَنمٍ إلى جَنْبِ البَيْتِ يَعْبُدونَه، فَجَعَلَ يَطْعُنُ بِهِ فِي عَيْنِهِ وَيَقُولُ: ﴿جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ﴾ [الإسراء: ٨١]، ثمَّ أتى الصَّفا فَعَلا حَيْثُ يَنْظُر إلى البَيْتِ، فَرَفَعَ يَدَهُ فَجَعَلَ يَذْكُر الله بِمَا شاءَ أن يَذْكُرَه وَيَدْعُوه والأنْصَارُ تَحْتَه، قالَ: يَقُول بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: أمَّا الرَّجُل فأدْرَكَتْهُ رَغْبَةٌ فِي قَرْيَتِهِ ورَأفَةٌ بِعَشِيرَتِهِ.
قالَ أبُو هُرَيْرَةَ: وَجاءَ الوَحْيُ وكانَ إذَا جاءَ لَمْ يَخْفَ عَلَيْنا فَلَيْسَ أحَدٌ مِنَ النَّاسِ يَرْفَعُ طَرْفَهُ إلى رَسُولِ الله ﷺ حتَّى يُقْضَى، فَلَمَّا قُضِيَ الوَحْيُ رَفَعَ رأسَهُ ثُمَّ قالَ: "يا مَعْشَرَ الأنْصَارِ أقُلْتُمْ: أما الرَّجُلَ فأدْرَكَتْهُ رَكْبَةٌ فِي قَرْيَتِهِ ورأفَةٌ بعَشِيرَتهِ"، قالُوا: قُلْنا ذلكَ يا رَسُولَ الله، قال: "فَمَا اسمِي إذَنْ كَلَّا إني عَبْدُ الله وَرَسُولُهُ هاجَرْتُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute