للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والحديث يدل على أنه لا يجوز مس المصحف إلا لمن كان طاهرًا، ولكن الطاهر يطلق بالاشتراك على المؤمن، والطاهر من الحدث الأكبر والأصغر، ومن ليس على بدنه نجاسة.

ويدل لإِطلاقه على الأول [قول الله] (١) تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ﴾ (٢).

وقوله لأبي هريرة: "المؤمن لا ينجس" (٣).

وعلى الثاني: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا﴾ (٤).

وعلى الثالث قوله [] في المسح على الخفين: "دعهما فإني أَدخلتهما طاهرتين" (٥)، وعلى الرابع الإِجماع على أن الشيء الذي ليس عليه نجاسة حسية ولا حكمية يسمى طاهرًا، وقد ورد إطلاق ذلك في كثير، فمن أجاز حمل المشترك على جميع معانيه حمله عليها هنا. والمسألة مدونة في الأصول، وفيها مذاهب. والذي يترجح أن المشترك مجمل فيها فلا يعمل به حتى يبين، وقد وقع الإِجماع على أَنه لا يجوز للمحدث حدثًا أكبر أَن يمس المصحف، وخالف في ذلك داود.

[[أدلة المانعين من قراءة الجنب للقرآن]]

استدل المانعون للجنب بقوله تعالى: ﴿لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ﴾ (٦) وهو لا يتم إلا بعد جعل الضمير راجعًا إلى القرآن، والظاهر رجوعه إلى الكتاب، وهو اللوح المحفوظ، لأنه الأقرب، والمطهرون الملائكة، ولو سلم عدم الطهور


= بالكذب، وإنما العلة الإرسال أو سوء الحفظ، ومن المقرر في "علم المصطلح" أن الطرق يقوي بعضها بعضًا، إذا لم يكن فيها متهم كما قرره النووي في تقريبه ثم السيوطي في شرحه، وعليه، فالنفس تطمئن لصحة هذا الحديث، لا سيما وقد احتج به إمام السنة أحمد بن حنبل … وصححه أيضًا صاحبه الإمام إسحاق بن راهويه .. " اهـ.
(١) في (ب): (قوله).
(٢) سورة التوبة: الآية ٢٨.
(٣) أخرجه البخاري في "صحيحه" رقم (٢٨٥) ومسلم في "صحيحه" رقم (٣٧١).
(٤) سورة المائدة: الآية ٦.
(٥) وهو حديث صحيح تقدم تخريجه برقم (٦/ ٢٢٨) من كتابنا هذا.
(٦) سورة الواقعة: الآية ٧٩.
وانظر: "التبيان في أقسام القرآن" لابن القيم ص ١٤٠ - ١٤٣ فإنه مفيد وعميق.

<<  <  ج: ص:  >  >>