فذهب الناس في هذين الحديثين مذهبين: مذهب النسخ، ومذهب الترجيح. فأما من ذهب مذهب النسخ فإنهم قالوا: إن ظاهر حديث عائشة وهو أن النبي ﷺ كان يؤم الناس، وأن أبا بكر كان مسمعًا؛ لأنه لا يجوز أن يكون إمامان في صلاة واحدة، وإن الناس كانوا قيامًا، وإن النبي ﷺ كان جالسًا فوجب أن يكون هذا من فعله ﷺ، إذ كان آخر فعله ناسخًا لقوله وفعله المتقدم. وأما من ذهب مذهب الترجيح فإنهم رجحوا حديث أنس بأن قالوا: إن هذا الحديث قد اضطربت الرواية عن عائشة فيه فيمن كان الإمام، هل رسول الله ﷺ أو أبو بكر؟. وأما مالك فليس له مستند من السماع؛ لأن كلا الحديثين اتفقا على جواز إمامة القاعد، وإنما اختلفا في قيام المأموم أو قعوده" اهـ بتصرف. قلت: وانظر الأوسط لابن المنذر (٤/ ٢٠٧ - ٢٠٨) فقد مال لترجيح أحمد بن حنبل، وكذلك الأمير محمد بن إسماعيل في سبل السلام (٣/ ٦٨ - ٦٩) قال عن مذهب أحمد في جمعه للأدلة في المسألة أنه جمع حسن. والله أعلم. (١) تقدم برقم (٣٥٦) من كتابنا هذا. وهو حديث صحيح. (٢) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (١/ ٩٧) والبيهقي (١/ ٢١٨). (٣) الباب الثالث رقم الحديث (٣٥٦) من كتابنا هذا.