لقد أُصيبت الحالةُ الاجتماعيةُ بالتدهور، فكانت هناك أنماطٌ متعددة من الصراع بين القُوى الإسلاميةِ المختلفةِ: بين الأتراك واليمنيين، وبين الأتراكِ والمصريين، وبين الأتراكِ والوهابيين (السلفيين) إلخ، كلُ هذا أدى إلى توهين قوةِ المجتمع الإسلاميِّ وتضاؤُل مكانتِه في العلم.
وعلى المستوى المحليِّ كان هناك صراعٌ مريرٌ بين المتعصّبين وبين المُنصفين من العلماء وبين أدعياءِ العلمِ والعاقة من جهة، وبين علماءِ الإنصاف والاجتهادِ من جهة أخرى.
وتعرّض المجتمعُ الصنعانيُّ كثيرًا لحملات القبائلِ التي نشرت في أحيان كثيرةِ المجاعةَ حتى الموتِ، من جرّاء مطالِبها في رفع مُقرَّراتِها الماليةِ السنوية، وإن علقت ذلك بالدفاع عن المذهب السائدِ للدولة.
وكان (الجمود) سِمةً بارزةً في مجتمع الشوكاني، وأما العلماءُ فقد قعدوا عن أداء أدوارِهم الإيجابية في محو الأميةِ الدينية والثقافية، فكانوا يدارون العامةَ في معتقداتهم الخاطئة، وسلوكياتِهم المناقضة لتعاليم الإسلام مما أدى بالعامة وجَهَلةِ المتفقّهة إلى إلحاق الأذى بالمنصفين ومعهم الإمامُ الشوكاني بسبب محاربتِهم للعصبية والجمود.
وقد تهافت الظَلَمةُ الجَهلةُ على مناصب القضاء فأكلوا أموالَ الناسِ بالباطل وهم يعلمون.
وأما الظلمُ الاجتماعي فقد كان سمةً غالبةً في المجتمع اليمني تبدّت مظاهرُه في سلوكيات القضاةِ والعمّال (المحافظين) والحكامِ بمساعدة علماءِ السوءِ ووزراءِ الجور …
ومما يؤخذ على الإمام الشوكانيّ تأثرُه بالعُرف الصنعانيِّ الفاسدِ الذي كان ينظر من خلاله إلى أصحاب بعضِ الحِرَف نظرةً متدنية، ولعل هذا ما يبرر موقفَه