للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رحمةٌ. قالَ في "شرحِ المِنْهاج" (١): "إنَّ معنَى قولِنا: اللَّهُمَّ صل على محمدٍ: عظِّمْهُ في الدُّنيا بإعلاءِ ذِكْرِهِ وإظهَارِ دَعْوَتِهِ وإِبْقَاءِ شريعتِهِ، وفي الآخِرَةِ بتشفيعِه في أُمَّتِهِ وتضعيفِ أجْرِهِ ومَثُوبَتِهِ. وَهَهُنَا أمرٌ يُشْكلُ في الظاهِر هوَ أن الله أمرَنَا بأنْ نُصليَ على نبيِّهِ ، ونحنُ أحَلْنَا الصلاةَ عليهِ في قولِنا: اللَّهُمَّ صل على محمدِ، وكانَ حق الامتثالِ أنْ نَقُولَ: صلَّيْنَا على النبيِّ وسلَّمْنَا، فَمَا النكْتَةُ في ذلكَ؟ قالَ في "شرحِ المنهاجِ": فيهِ نُكْتَة شَريفة كأنَنَا نقولُ: يا ربَّنَا أَمَرْتَنَا بالصلاةِ عليهِ وليسَ في وُسْعِنَا أنْ نُصَلِّي صلاةً تليقُ بجنابِهِ لأنَّا لا نَقْدِرُ قَدْرَ ما أنتَ عالِمٌ بقَدْرِهِ ، فأنتَ تقدِرُ أنْ تُصلِّي عليهِ صلاةَ تليقُ بجنابِه". انتهى.

ومحمدٌ عَلمٌ لذاتِهِ الشريفةِ، ومعناهُ الوصْفيُّ كثيرُ المحامِدِ، ولا مانِعَ مِنْ ملاحَظَتِه معَ العَلَمِيَّةِ كما تقرَّرَ في مواطِنِهِ. وآثرَ لفظَ النبيِّ لما فيه مِنْ الدِلالةِ على الشرفِ والرِّفْعَةِ على ما قيلَ: إنهُ مِنَ النبوَّةِ، وهي ما ارتفعَ مِنَ الأرْضِ. قال في الصِّحَاحِ (٢): "إنْ جَعَلْتَ لفظَ النَّبِيِّ مأخوذًا مِنْ ذلكَ فمعناهُ أنهُ شُرِّفَ على سائرِ الخلْقِ، وأصْلُه غيرُ الهمزةِ وهو فعيلٌ بمعنَى [مفعُولٍ] (٣) ".

[[الفرق بين النبي والرسول]]

والنبيُّ في لسانِ الشرْعِ: مَنْ بُعِثَ إليه بَشْرعٍ فإنْ أُمِرَ بتبليغِهِ فرسُولٌ، وقيلَ: هوَ المبعُوثُ إلى الخلقِ بالوحْي لتبليغِ ما أَوْحَاهُ. والرسولُ قد يكونُ مرادِفًا لهُ وقد يَخْتَصُّ بمَنْ هوَ صاحبُ كتَابٍ.

وقيلَ: هو المبعوثُ لتجديدِ شرعٍ أو تقريرهِ، والرَّسُولُ: هوَ المبعوثُ للتجديدِ فَقَطْ.

وعلى الأقْوَالِ: النبي أعمُّ من الرسُولِ. والأميُّ (٤): مَنْ لا يَكتُبُ، وهو في حقِّهِ وصْفٌ مادِحٌ لِما فيهِ من الدَّلالَةِ على صِحَّةِ المعجِزَةِ وقُوَّتِها باعتبارِ


= المعروف بابن دقيق العيد. ولد سنة خمس وعشرين وستمائة، وتوفي سنة اثنين وسبعمائة.
[البدر الطالع (٢/ ٢٢٩) ومعجم المؤلفين (١١/ ٧٠)].
(١) هو للإمام النووي، أبو زكريا، محيى الدين بن شرف النووي، المتوفى (٦٧٦ هـ).
(٢) لإسماعيل بن حمّاد الجوهري (٦/ ٢٥٠٠).
(٣) في (جـ): فاعل وهو خطأ.
(٤) انظر: "ماذا حول أميَّة الرسول ) لعلي شواخ إسحاق.

<<  <  ج: ص:  >  >>