للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من متأخري أئمة الزيدية (١) جواز التسعير فيما عدا قوت الآدمي والبهيمة كما حكى ذلك عنهم صاحب "الغيث" (٢)، وقال شارح "الأثمار" (٣): إن التسعير في غير القوتين لعله اتفاق (٤)، والتخصيص يحتاج إلى دليل، والمناسب الملغي لا ينتهض لتخصيص صرائح الأدلة، بل لا يجوز العمل به على فرض عدم وجود دليل كما تقرر في الأصول (٥).

[[الباب الخامس] باب ما جاء في الاحتكار]

٩/ ٢٢٨٠ - (عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ عَنْ مَعْمَرِ بْنِ عبْدِ الله العَدَوِيِّ أن


(١) "البحر الزخار" (٣/ ٣١٨ - ٣١٩) وشفاء الأوام (٢/ ٤٢٥).
(٢) "الغيث المدرار المفتح لكمائم الأزهار". تأليف: الإمام المهدي أحمد بن يحيى المرتضى الحسني. [مؤلفات الزيدية (٢/ ٢٩٧)].
(٣) "شرح الأثمار في فقه الأئمة الأطهار"، تأليف: القاضي عبد الله بن علي بن راوع. [مؤلفات الزيدية (٢/ ١٢٧)].
(٤) قال الشوكاني في "السيل الجرار" (٢/ ٦١٩ - ٦٢١): "أقول: يدل على عدم جواز التسعير القرآن الكريم. قال الله ﷿ ﴿تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ﴾ [النساء: ٢٩]، فمن وقع الإجبارُ له أن يبيعَ بسعر لا يرضاه في تجارته فقد أُجبر بخلاف ما في الكتاب.
وهكذا يدل على عدم جواز التسعير قوله : ﴿لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ﴾ [النساء: ٢٩] فإن من أُكره على بيع ماله بدون ما يرضى به فقد أُكل مالُه بالباطل وهكذا يدل على عدم جواز التسعير - حديث أنس المثقدم، وحديث أبي هريرة المتقدم، وحديث أبي سعيد المتقدم، وحديث علي المتقدم، وحديث ابن عباس المتقدم، وحديث أبي جحيفة المتقدم، خلال شرح حديث (٨/ ٢٢٧٩) من كتابنا هذا.
وظاهر هذه الأدلة عدمُ الفرق بين القوتين وغيرهما، لأنَّ الكلَّ يتأثر عنه عدمُ طيبةِ النفس، ويقع على خلاف التراضي المعتبر، ولا فرق بين أن يكون في التسعير الردُّ إلى ما يتعامل به الناسُ أو إلى غيره فإن الفرقَ بمثل هذا الفرق هو مجردُ رأي، وملاحظةُ مصلحةٍ ولا مصلحة في شيء يخالف الشرعَ، وقد أشار في حديث أنس السابق إلى ما يفيد أن في التسعير مظلمةً فلا خيرَ ولا مصلحةَ في مظلمة، بل الخيرُ كل الخيرِ والمصلحةُ كلُّ المصلحة في العمل بما ورد به الشرع" اهـ.
قلت: وقد استوفى محمد بن إسماعيل الأمير الكلام على مسألة التسعير في "منحة الغفار على ضوء النهار" (٣/ ١٢٣٩ - ١٢٤٢)، فقد أجاد وأفاد، ولولا الإطالة لنقلته لك.
(٥) انظر: "حاشية" إرشاد الفحول (ص ٧٩١ - ٧٩٢) بتحقيقي.

<<  <  ج: ص:  >  >>