للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولي من أمور المسلمين أمرًا أهلَ السوق أن لا يبيعوا أمتعتهم إلا بسعر كذا، فيمنعوا من الزيادة عليه أو النقصان لمصلحة.

قوله: (المسعِّر) فيه دليل على أن المسعر من أسماء الله تعالى، وأنها لا تنحصر في التسعة والتسعين المعروفة.

وقد استدل بالحديث وما ورد في معناه على تحريم التسعير وأنه مظلمة.

ووجهه أن الناس مسلطون على أموالهم، والتسعير حجر عليهم، والإمام مأمور برعاية مصلحة المسلمين وليس نَظَر في مصلحة المشتري برخص الثمن أولى من نَظَرِهِ في مصلحة البائع بتوفير الثمن، وإذا تقابل الأمران وجب تمكين الفريقين من الاجتهاد لأنفسهم وإلزام صاحب السلعة أن يبيع بما لا يرضى به مناف لقوله تعالى: ﴿إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ﴾ (١)، وإلى هذا ذهب جمهور العلماء (٢).

وروي عن مالك (٣) أنه يجوز للإمام التسعير، وأحاديث الباب ترد عليه.

وظاهر الأحاديث أنه لا فرق بين حالة الغلاء وحالة الرخص، ولا فرق بين المجلوب وغيره، وإلى ذلك مال الجمهور.

وفي وجه للشافعية (٤): جواز التسعير في حالة الغلاء وهو مردود.

وظاهر الأحاديث عدم الفرق بين ما كان قوتًا للآدمي ولغيره من الحيوانات، وبين ما كان من غير ذلك من الإدامات وسائر الأمتعة، وجوّز جماعة


(١) سورة النساء، الآية: ٢٩.
(٢) المغني (٦/ ٣١١ - ٣١٢) ورؤوس المسائل الخلافية (٢/ ٧٥٧) رقم المسألة (٥/ ٧٥٨) والحاوي الكبير (٥/ ٤٠٨ - ٤١٠) والبيان للعمراني (٥/ ٣٥٤ - ٣٥٥).
(٣) المنتقى للباجي (٥/ ١٩) ومدونة الفقه المالكي وأدلته (٣/ ٣٤٦ - ٣٤٨). والاستذكار (٢٠/ ٧٦ - ٧٧).
(٤) قال العمراني في "البيان" (٥/ ٣٥٤): "قال المسعوديّ في "الإبانة" إن كانَ في البلدِ قحطٌ وجدُوبةٌ … فهل يجوزُ للسلطان التسعير؟ فيه وجهان ثم قال في "البيان" (٥/ ٣٥٥):
"قال أبو إسحاق المروزي: إنما منع الشافعي مِنْ تسعير الطعام إذا كان يُجلبُ إلى البلدِ، فأما إذا كانَ البلدُ لا يجلبُ إليه الطعامُ، بَل يزرعُ فيها، ويكونُ عندَ الثناءِ - أي الإقامة - فيها .. فيجوزُ للإمامِ أنْ يسعِّرَ عليهم إذا رأى في ذلك مصلحةً" اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>