للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

"وهذا قياسٌ مطَّرِدٌ ومعروفٌ عندَ أهلِ العربيةِ إلا أحْرُفًا مُسْتَثْنَاةً من الكسر".

[[القول في نجاسة الكافر]]

قوله: (إنَّ المسْلِمَ) تمسَّكَ بمفهومِهِ بعضُ أهلِ الظاهرِ، وحكاهُ في البحرِ (١) عن الهادي والقاسِم والناصِر ومالكٍ فقالوا: إنَّ الكافِرَ نَجِسُ عَيْنٍ، وقوَّوْا ذلكَ بقولِه تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ﴾ (٢) وأجابَ عن ذلكَ الجمهورُ بأن المرادَ منهُ أن المسلمَ طاهِرُ الأعضَاءِ لاعتيادِهِ مجانبةَ النجاسةِ بخلافِ المشركِ لعدمِ تحفظِه عن النجاسةِ، وعن الآيةِ بأن المرادَ أنهم نجسٌ في الاعتقادِ والاستقذارِ، وحجتُهم على صِحَّةِ هذا التأويلِ أن الله أباحَ نساءَ أهلِ الكتابِ (٣)، ومعلومٌ أن عرقهُنَّ لا يسلمُ منه من يضاجِعُهنَّ، ومعَ ذلك فلا يجبُ من غُسل الكتابيةِ إلا مثلُ ما يجبُ عليهم من غُسلِ المسلمةِ.

ومن جُملَةِ ما استدلَّ بهِ القائلونَ بنجاسةِ الكافرِ حديثُ إنزالِهِ وفدَ ثقيفٍ المسجد (٤)، وتقريرِه لقولِ الصحابةِ: "قومٌ أنجاسٌ" لما رأوه أنزلَهم. وقولُه لأبي ثعلبةَ لما قالَ له: "يا رسولَ الله إنَّا بأرضِ قوْمٍ أهْلِ كتابِ أفنأكْلُ في آنِيتِهم قال: "إنْ وجدْتُم غيْرَها فلا تَأْكُلوا فِيها وإنْ لمْ تجدُوا فاغْسِلُوها وَكُلوا فيها"، وسيأتي في باب آنية الكفار (٥).

وأجاب الجمهورُ عن حديثِ إنزالِ وفدِ ثقيفٍ بأنه حجةٌ عليهم لا لهم؛ لأن قوله: "ليسَ على الأرضِ من أنجاسِ القومِ شيءٌ إنما أنجاسُ القومِ على أنفسِهم"


(١) وهو "كتاب البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار" تأليف: أحمد بن يحيى بن المرتضى. (المهدي) (١/ ١٢ - ١٣).
(٢) سورة التوبة: الآية ٢٨.
(٣) يشير المؤلف إلى قوله تعالى في سورة المائدة الآية (٥): ﴿الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ﴾.
(٤) أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (١/ ١٣) عن الحسن مرسلًا. وانظر: "زاد المعاد" (٣/ ٤٩٩). والطبقات لابن سعد (١/ ٣١٢).
(٥) رقم (١١/ ٧٣) من كتابنا هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>