للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[[مذاهب العلماء في تطهير الجلود بالدباغ]]

وقد اختلف أرباب العلم في ذلك على أقوال سبعة ذكرها النووي في شرح مسلم (١)، وسنذكرها ههنا غير مقتصرين على المقدار الذي ذكره بل نضم إليه حجج الأقوال مع نسبة بعض المذاهب إلى جماعات من العلماء لم يذكرهم فنقول:

(المذهب الأول): أنه يطهر بالدباغ جميع جلود الميتة إلا الكلب والخنزير والمتولد من أحدهما، ويطهر بالدباغ ظاهر الجلد وباطنه ويجوز استعماله في الأشياء اليابسة والمائعة ولا فرق بين مأكول اللحم وغيره، وإلى هذا ذهب الشافعي (٢)، واستدل على استثناء الخنزير بقوله: ﴿فَإِنَّهُ رِجْسٌ﴾ (٣) وجعل الضمير عائدًا إلى المضاف إليه، وقاس الكلب عليه بجامع النجاسة، قال: لأنه لا جلد له. قال النووي (٤): وروي هذا المذهب عن علي بن أبي طالب وابن مسعود.

(المذهب الثاني): أنه لا يطهر شيء من الجلود بالدباغ، قال النووي (٥): وروي هذا القول عن عمر بن الخطاب وابنه عبد الله وعائشة وهو أشهر الروايتين عن أحمد وإحدى الروايتين عن مالك ونسبه في البحر (٦) إلى أكثر العترة، واستدلوا بحديث عبد الله بن عكيم الآتي بلفظ: "لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب" وكان ذلك قبل موته بشهر فكان ناسخًا لسائر الأحاديث. وأجيب بأنه قد أعل بالاضطراب والإِرسال كما سيأتي فلا ينتهض لنسخ الأحاديث الصحيحة، وأيضًا التاريخ بشهر أو شهرين كما سيأتي معل لأنه من رواية خالد الحذاء، وقد خالفه شعبة وهو أحفظ منه وشيخهما واحد، ومع إعلال التاريخ يكون معارضًا للأحاديث الصحيحة وهي أرجح منه بكل حال؛ فإنه قد روي في ذلك - أعني تطهير الدباغ


(١) (٤/ ٥٤).
(٢) في الأم (١/ ٦١ رقم ٢٢٢).
(٣) سورة الأنعام: الآية ١٤٥.
(٤) في شرح مسلم (٤/ ٥٤).
(٥) في شرح مسلم (٤/ ٥٤). وانظر: "الأوسط" لابن المنذر (٢/ ٢٦٤ - ٢٦٥).
(٦) (١/ ١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>