وقد استدل بعضهم بالحديث على جواز المرور بين يدي المصلي في مسجد مكة خاصة. وبعضهم أطلق. ومن تراجم النَّسَائِي للحديث "باب الرخصة في ذلك"، يعني المرور بين يدي المصلي وسترته. ولا يخفى عليك فساد هذا الاستدلال وذلك لوجوه: (الأول): ضعف الحديث. (الثاني): مخالفة الحديث لعموم الأحاديث التي توجب على المصلي أن يصلي إلى سترة، وكذا الأحاديث التي تنهى عن المرور. (الثالث): أن الحديث ليس فيه التصريح بأن الناس كانوا يمرون بينه ﷺ وبين موضع سجوده، فإن هذا هو المقصود من المرور المنهي عنه على الراجح من أقوال العلماء. ثم وقفتُ - أي الألباني ﵀ بعد ذلك على بعض الآثار الصحيحة عن غير واحد من الصحابة تؤيد ما دلت عليه الأحاديث الصحيحة، وأنها تشمل المرور في مسجد مكة. ١ - عن صالح بن كيسان قال: "رأيت ابن عمر يصلي في الكعبة، ولا يدع أحدًا يمر بين يديه"، رواه أبو زرعة في "تاريخ دمشق" (١/ ٩١) وابن عساكر (٨/ ٢٠٦/ ٢) بسند صحيح. ٢ - عن يحيى بن أبي كثير قال: "رأيت أنس بن مالك دخل المسجد الحرام فركز شيئا، أو هيأ شيئًا يصلي إليه"، رواه ابن سعد في "الطبقات" (٧/ ١٨) بسند صحيح. "سلسلة الأحاديث الضعيفة (٢/ ٣٢٧ - ٣٢٨) باختصار". (٢) ذكر ابن الهمام في "فتح القدير" رواية ابن ماجه لكن تحرف عليه قوله: "سُبْعِهِ" إلى "سعيه"! فاستدل على استحباب صلاة ركعتين بعد السعي. وهي بدعة محدثة لا أصل لها في السنة كما نبه على ذلك غير واحد من الأئمة كأبي شامة وغيره، كما ذكرته في رسالتي الجديدة "مناسك الحج والعمرة في الكتاب والسنة وآثار السلف" فقرة (٦٩). [الضعيفة] (٢/ ٣٢٨)].